وقال الفخر الرازي: "لا يصح أن تكون الكلمة جنسا لهذه الأنواع الثلاثة؛ لأنها لو كانت جنسا لها لكان امتياز كل واحد من هذه الثلاثة بفصل وجودي، مع أن الحرف يمتاز عن الاسم والفعل بقيد عدمي، وهو كون مفهومه غير مستقل بالمفهومية، والاسم أيضا يمتاز عن الفعل بقيد عدمي، وهو كونه غير دال على زمانه المعين". ا. هـ.
وحاصل كلامه أن الماهيات لا تتقوم بالعدم، لكنه قال قبل هذا الكلام: "اللهم إلا إذا عنى بالجنس مجرد القدر المشترك بين هذه الثلاثة، فحينئذ يستقيم". ا. هـ.
وينقسم اسم الجنس الجمعي إلى ثلاثة أقسام: ما يفرق بينه وبين مفرده بالتاء، والتاء في مفرده كرُطَب ورَطْبة، وما يفرق بينه وبين مفرده بالتاء، والتاء في الجمع ككمأة وكمء. وما يفرق بينه وبين مفرده بياء النسب، وهي في المفرد نحو: روم ورومي وزنج وزنجي.
فأطلق الموضح اسم الجنس؛ وأراد الأول لغلبته، ويدل على ذلك قوله: "ومعنى كونه اسم جنس جمعي أنه يدل على جماعة" من الكلمات أقلها ثلاثة ولم يغلب عليه التأنيث، "و" أنه "إذا زيد على لفظ تاء التأنيث فقيل" فيه "كلمة نقص معناه" عن الجمع، "وصار" مع زيادة التاء "دالا على الواحد" فقط، "ونظيره" من أسماء الأجناس الجمعية من المصنوعات وهي غير مطردة، نحو "لَبِن ولَبِنة"، وهي الطوبة النيئة، "و" من المخلوقات وهي مطردة، نحو: "نَبْق ونبْقة"، وليس نظيره نحو كمء وكمأة، مما يدل على الجمع بالتاء، وعلى الواحد بتركها، ولا نحو: زنج وزنجي، مما يدل على الواحد بياء النسب، وعلى الجمع بتركها، فتبين أن الضابط المذكور للقسم الأول فقط، فسقط ما قيل إن هذا الضابط غير جامع لخروج نحو كمء وكمأة، وغير مانع لدخول نحو تخم وتخمة، من الجموع الغالب عليها التأنيث.
"وقد تبين بما ذكرناه" من قبل "في تفسير" ماهية "الكلام من أن شرطه" أن يجتمع فيه اللفظ و"الإفادة"، وبهذا التقدير سقط ما قيل إنه جعل الإفادة أولا شطرا وهنا شرطا، "و" من "أنه" قد يتألف "من كلمتين، و" تبين "بما هو" قول "مشهور" عندهم "من أن أقل الجمع ثلاثة" من الآحاد، أي: من مجموع هذين الأمرين تبين "أن بين الكلام والكلم" من النسب الأربع "عموما" من وجه، "وخصوصا من وجه".
"فالكلم أعم من جهة المعنى لانطلاقه على المفيد"، كضربت زيدا "و" على "غيره" أي: غير المفيد، كان قام زيد "وأخص من جهة اللفظ لكونه لا ينطلق على المركب من كلمتين"، كقام زيد.
1 / 18