بَلَى وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ قَالَ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الْبَوْنِيُّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ ﷺ ظن أَن ذَلِك غير كَبِير فَأوحى إِلَيْهِ فِي الْحَالِ أَنَّهُ كَبِيرٌ فَاسْتَدْرَكَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي وَإِنَّهُ يَعُودُ عَلَى الْعَذَابِ لِمَا ورد فِي صَحِيح بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يُعَذَّبَانِ عَذَابًا شَدِيدًا فِي ذَنْبٍ هَيِّنٍ وَقِيلَ الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى أَحَدِ الذَّنْبَيْنِ وَهُوَ النَّمِيمَةُ لِأَنَّهَا مِنَ الْكَبَائِر وَقَالَ الدَّاودِيّ وبن الْعَرَبِيِّ كَبِيرُ الْمَنْفِيُّ بِمَعْنَى أَكْبَرُ وَالْمُثْبَتُ وَاحِدُ الْكَبَائِرِ أَيْ لَيْسَ ذَلِكَ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ كَالْقَتْلِ مَثَلًا وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فِي الْجُمْلَةِ وَقِيلَ الْمَعْنَى لَيْسَ بِكَبِيرٍ فِي الصُّورَةِ لِأَنَّ تَعَاطِيَ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الدَّنَاءَةِ وَالْحَقَارَةِ وَهُوَ كَبِيرٌ فِي الذَّنْبِ وَقِيلَ لَيْسَ بِكَبِيرٍ فِي اعْتِقَادِهِمَا أَوْ فِي اعْتِقَادِ الْمُخَاطَبِينَ وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ كَبِيرٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ الله عَظِيم وَقِيلَ لَيْسَ بِكَبِيرٍ فِي مَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ أَيْ كَانَ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِمَا الِاحْتِرَازُ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا الْأَخِيرُ جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهُ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَجَمَاعَةٌ وَقِيلَ لَيْسَ بِكَبِيرٍ بِمُجَرَّدِهِ وَإِنَّمَا صَارَ كَبِيرًا بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهِ وَيُرْشِدُ إِلَى ذَلِكَ السِّيَاقُ فَإِنَّهُ وَصَفَ كُلًّا مِنْهُمَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى تَجَدُّدِ ذَلِكَ عَنْهُ وَاسْتِمْرَارِهِ عَلَيْهِ لِلْإِتْيَانِ بِفِعْلِ الْمُضَارَعَةِ بَعْدَ كَانَ قَالَ الْحافِظُ بن حَجَرٍ وَلَمْ يُعْرَفِ اسْمُ الْمَقْبُورَيْنِ وَلَا أَحَدِهُمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَلَى عَمْدٍ مِنَ الرُّوَاةِ لِقَصْدِ السَّتْرِ عَلَيْهِمَا وَهُوَ عَمَلٌ مُسْتَحْسَنٌ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُبَالَغَ فِي الْفَحْصِ عَنْ تَسْمِيَةِ مَنْ وَقَعَ فِي حَقِّهِ مَا يُذَمُّ بِهِ قَالَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِمَا فَقِيلَ كَانَا كَافِرَيْنِ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ قَالَ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ لَمَا كَانَ لِشَفَاعَتِهِ إِلَى أَنْ يَيْبَسَ الْجَرِيدَتَانِ مَعْنًى وَلَكِنَّهُ لَمَّا رَآهُمَا يُعَذَّبَانِ لَمْ يَسْتَجِزْ لِلُطْفِهِ وَعَطْفِهِ حِرْمَانَهُمَا مِنْ إِحْسَانِهِ فَتَشَفَّعَ لَهُمَا إِلَى الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَجزم بن الْقَصَّارِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ بِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَهُوَ الْأَظْهر وَقَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَجْمُوعِ طُرُقِ الْحَدِيثِ أَمَّا هَذَا فَكَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنْ بَوْلِهِ بِنُونٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا زَايٌ ثُمَّ هَاءٌ وَأَمَّا هَذَا فَإِنَّهُ كَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ هِيَ نَقْلُ كَلَامِ النَّاسِ بِقَصْدِ الْإِضْرَارِ
1 / 29