"قال: فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} [(65) سورة النساء] " يعني مراتب {فلا وربك لا يؤمنون} [(65) سورة النساء] نفى عنهم الإيمان {حتى يحكموك فيما شجر بينهم} [(65) سورة النساء] فالذي لا يتحاكم إلى الشرع ينتفي عنه الإيمان {حتى يحكموك فيما شجر بينهم} يعني في خصوماتهم، وهل يكفي هذا؟ بل لا بد أن ينضاف إليه {ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} [(65) سورة النساء] يرضوا تمام الرضا، والآن الناس في المحاكم كثير منهم لا يرضى، بل يعترض على الحكم ويطلب لائحة اعتراض، ويسجل اعتراضاته، بموافقة من القاضي، بنظام القضاء يطلب اللائحة، ويعترض على الحكم، ويرفع الاعتراض إلى التمييز، وينظر فيه التمييز، وقد ينقض الحكم، يعني هل في هذه التصرفات معارضة لهذه الآية أو ليس فيها معارضة؟
يعني في محكمة من المحاكم جاء شخص كبير في السن له خصومة، ثم حكم عليه، فقال له القاضي: إن كان لديك اعتراض هذه ورقة سجل اعتراضاتك، ترفع للمشايخ في التمييز، وفيهم البركة، فبكى هذا الشيخ بكاء شديدا، وقال: أنا لا أعترض على حكم الله، وتلا الآية، هذا لا شك أن فيه تمام الرضا والتسليم، لكن هل في هذه الأنظمة التي فيها أن للمحكوم عليه أن يعترض، ويسجل الاعتراض، وبرضا القاضي، وبرضا النظام، ثم يرفع إلى أهل علم هم أعلم من هذا القاضي، فينظر في هذا الاعتراض، والمسألة كلها في أولها وفي آخرها إنما يشملها حكم الله، يعني سواء حكم القاضي الذي هو ابتداء القضاء في المسألة، أو حكم التمييز، ومن ورائه مجلس القضاء الذي هو النهاية في حكم المسألة الشرعية.
Page 17