============================================================
مقدمة المؤلف الكاف وكسرها معرب خسرو وهو لقب ملوك الفرس (حتى أضاعت بدينه الأفاق وأشرقت) الآفاق بذلك (كل الإشراق وزينوا المغارب والمشارق بالمعارف) بالعلوم، والاعتقادات الحقة (ومحاسن الأفعال) المرضية (ومكارم الأخلاق) الزكية (وطهروا) من التطهير (الظواهر من الفسوق) من الخروج عن الطاعة (والبطالة) بكسر الباء وهي الكسالة المؤدية إلى اعمال المهمات (والبواطن من الزيغ) وهو الميل إلى العقائد الزائغة الباطلة (والجهالة والحيرة) وهي التردد بين الحق والباطل (والضلالة) وهي سلوك ما لا يوصل إلى المطلوب (صلى الله عليه صلاة تكافئ) تماثل (سابق بلائه) سابق مشقته وعنائه في إزهاق الباطل، وإفنائه (وتضاهي) تشابه (حسن غنائه) نفعه، وكفايته في إظهار الحق وإعلائه (ما طلع نجم وهوى، وعلى آله نجوم الهدى ومصابيح الدجى) يهتدي بهم في مسالك الأفكار ومنازل الأعمال (وعلى جميع اصحابه ممن هاجر إليه) من أوطانه (أو نصر وآوى) في مكانه (وسلم) عليه وعلى آله وأصحابه (تسليما كثيرا، وبعد) شرع يبين الباعث على تاليف الكتاب (فإن كمال كل نوع) يعني آن كماله بعد تحصله وتكمله نوعا بمنوعه المسمى كمالا أول على الإطلاق إنما هو (بحصول صفاته الخاصة به، وصدور آثاره المقصودة منه) ويسمى هذا الكمال كمالا ثانيا وأشار إلى أنه قسمان: أحدهما: صفات تخصه قوله: (ويسمى كمالأ ثانيا) قيل: حمل الكمال المذكور على الكمال الثاني، ليحتاج إلى تقييد النوع المذكور بقوله: بعد تحصيله وتكمله إلخ لا يحتاج إليه، بل لا طائل تحته لأن تمثيل الكمال المقصود بالنسبة إلى الإنسان بالقوة النطقية، وما يتبعها من العقل مناد باعلى صوته، على أن المراد بالكمال مطلق الأمور المختصة سواء كان أولا او ثانيا، وكأنه فهم ذلك من لفظ الصفات فإنها تكون خارجة، وقد غفل عن اصطلاحهم أن الذاتيات تسمى الصفات النفسية، واقول: أصل هذا ماخوذ من كلام الأبهري حيث حمل قوله بحصول صفاتها على الكمالات الأولى المنوعة، وقوله بصدور آثارها على الكمالات الثانية، ووجه إطلاق الصفة على الذاتيات بأن أجزاء الماهيات الحقيقية يتعذر الاطلاع عليها، أو يتعسر فاخذوا الآثر القريب الذي يستتبع سائر الآثار المختصة بالنوع، وسموه فعلا والأثر العام القريب الذي يستتبع سائر الآثار العامة له، وسسوه جنسا تسهيلا للطالب، وصح تسمية الذاتي بهذا الاعتبار صفة له قال: وهذا هو السبب في إطلاق المتكلمين الصفة على الذاتيات، وأنت خبير بان ما ذكره إنما يستقيم في الأجزاء الحمولة المسماة بالذاتيات، وأما الأجزاء الخارجية فلا يطلق عليها الصفات النفسية، ولا يتعسر الاطلاع عليها، تعم قد يحمل الصورة المنوعة في بعض الأنواع كالإنسان على ما عرف، حتى قيل: إن النفس الناطقة ليست صورة منوعة له لأنها مجردة فكيف تكون صورة منوعة
Page 28