============================================================
مقدمة المؤلف زمان، والداثر على كل لسان بكل مكان (كتابا عربيا مبينا) أي ظاهرا إعجازه أو مظهرا للأحكام، من أبان بمعنى ظهر أو أظهر (فأكمل لعباده دينهم وأتم عليهم نعمته ورضي لهم الإسلام دينا) مأخوذ من قوله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم} [المائدة: 3] الآية، (كتابا) بدل من كتابا عربيا (كريما) مرضيا جامعا لمنافع لا تستقصى (وقرآنا مقروعا (قديما) لأن كلامه تعالى من صفاته الحقيقية التي لا مجال للحدوث فيها (ذا غايات) هي أواخر السور (ومواقف) هي فواصل الآيات (محفوظا في القلوب) ويروى في الصدور (مقروعا بالألسن مكتوبا في المصاحف) وصف القرآن بالقدم، ثم صرح بما يدل على آنه هذه العبارات المنطومة، كما هو مذهب السلف حيث قالوا: إن الحفظ والقراءة والكتابة حادثة لكن متعلقها أعني المحفوظ والمقروء والمكتوب قديم، وما يتوهم من أن ترتب الكلمات والحروف وعروض الانتهاء، والوقوف مما يدل على الحدوث فباطل، لأن ذلك لقصور في آلات القراءة، وأما ما اشتهر عن الشيخ أبي الحسن الأشعرى من أن القديم معنى قائم بذاته تعالى قد عبر عنه بهذه العبارات الحادثة، فقد قيل: إنه غلط من الناقل منشؤه اشتراك لفظ المعنى بين ما يقابل اللفظ، وبين ما يقوم بغيره. وسيزداد ذلك وضوحا فيما بعد إن شاء الله تعالى (لا قوله: (والدائر على كل لسان بكل مكان) يعني السنة المسلمين، وأمكنتهم فإن البعثة لما كانت عامة إلى الأسود والأحمر كان القرآن دائرا بين كلهم حقيقة، او حكما بخلاف التوراة مثلا فإنها ليست دائرة على يعض مسلمي ذلك الزمان لا حقيقة ولا حكما، وكذا الكلام في قوله: بكل مكان:.
قوله: (وصف القرآن بالقدم إلخ) قيل: هذا صلح عن تراضي الخصمين، فإن المصنف في بحث الكلام سيختار أن الالفاظ حادثة، والقديم معناها وأنت خبير بان الشارح سيحقق ما عليه المصنف في أثناء بحث الكلام حيث ما أشعر يه كلامه هاهنا من آنه يوافق السلف، وعليه نص في شرح المختصر واما ما ذكره في الإلهيات من ان القديم هو المعنى، وأما العبارات فحادثة وراء المعترضن، فليس المراد منه إلا نقل مذهب القوم.
قوله: (لقصور في آلات القراءة) فحيعذ وصفه بالغايات والمواقف يحتاج إلى التأويل، وقد يقال: ترتب الكلمات وتقدم بعضها على بعض لا يقتضي الحدوث، لأن القديم ريما لا يكون زمانيا وضعيا كالحروف المطبقة في سمع دفعة من طابع عليه، وبه يندفع لزوم عدم الفرق بين علم وملع، إلا أن في إدراك مثل هذا الترتيب في الألفاظ بدون النقوش نوع غمرض:.
قوله: (منشؤه اشتراك لفظ المعنى إلخ) يريد أن الشيخ قال: إن القديم هو معنى قائم
Page 25