============================================================
مقدمة المؤلف مباركا وأسد ما استقبل إليه (وأشدهم عصمة) فإن الأنبياء معصومون، وكان عليه الصلاة والسلام أشدهم وأقواهم في العصمة، لأن الله تعالى أعانه على قرينه من الجن فلم يأمره إلا بخير، (واكثرهم حكمة) علمية، وعملية كما يشهد به سيرته لمن تتبعها (وأعزهم نصرة) فإنه خص بالرعب مسيرة شهر، قال تعالى: { وينصرك الله نصرا عزيزا (الفتح: 3]، بالغا في العز والغلبة (سيد البشر) كما اشتهر في الخبر (المبعوث إلى الأسود والأحمر) إلى العرب والعجم، وقيل: إلى الإنس والجن (الشفيع المشفع) المقبول الشفاعة، يقال شفعته أي قبلت شفاعته (يوم المحشر) بكسر الشين من حشر يحشر ويحشر (حبيب الله) قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله (آل عمران: 31]، (أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم) كني عليه السلام بابي القاسم إما لأن القاسم أكبر أولاده وإما لأنه يقسم للناس حظوظهم في دينهم ودنياهم، وذكر الأب حينيذ مبالغة في مباشرة القسمة (وأنزل معه) عطف على ختمهم، وأشار إلى أظهر معجزاته الدالة على نبوته، فإنه الباقي على وجه كل آن إبراهيم عليه السلام وإن كانت قبلته أيضا الكعبة، إلا انه لم يشرع له التوجه إليها للصلاة في غير المسجد، وشرع لرسولنا عليه السلام مطلقا، فكان استقباله صوابا في غير المسجد، فصح أنه أسد من إيراهيم ايضا قبلة على أن التمييز بمعنى الفاعل تقديره، وقبلته أسد من سائر القبليات، وكذا الكلام في سائره.
قوله: (إلى العرب والعجم) وقيل: الإنس والجن وجه المناسبة في الأول غلبة السواد في العرب والحمرة في العجم، وفي الثاني أن الإنس مخلوق من التراب، والجن من النار.
قوله: (بكسر الشين) هكذا صحح الجوهري، والعلامة لكن قانون اللغة يجوز فتح الشين ايضا بمجيء الضم في عين مضارعه كالكسر: قوله: (قل إن كنتم تحبون الله) الآية، وجه الدلالة على أنه عليه السلام حبيب الله، أن التابع من حيث هو تابع إذا كان محبوبا لله فلا شك في كون المتبوع أيضا حبيبا له، فثبوت المطلوب من الآية بطريق الدلالة لا بطريق العبارة .
قوله: (ابن هاشم) ذكر نسبه عليه السلام إلى هاشم لأنه اصل اشرف القبائل الإبراهيمية الشريفة.
قوله: (مبالغة في مباشرة القسمة) فاسم الفاعل إما بمعنى المصدر، أو بجعل القسمة قاسا مبالغة كقولهم شعر شاعر وداهية دهياء.
قوله: (وانزل معه) اختار معه على علية إشارة إلى ان القرآن أول المعجزات الذي لم يتأخر عن دعوى النبوة ولو قال عليه لم يفهم ذلك:
Page 24