============================================================
مقدمة المؤلف حتد بالمكان يحتد إذا أقام به، والمراد بهذه الثلاثة مكة شرفها الله فإن الأماكن لها مدخل في زكاء الأخلاق، وطهارتها وطيب الأوصاف ووسامتها، وحسن الأفعال وكرامتها، وهي أزكى البلاد عن المشركين الذين هم نجس قد طردوا عنها بقوله تعالى فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا [التوبة: 28]، وأطيبها وأحبها إلى رسول الله ، لقوله عليه السلام "ما أطيبك من بلد وأحبك إلي وأكرمها عند الله" لقوله عليه السلام: "إنك لخير أرض وأحب أرض الله إلى الله" (وأقومهم دينا وأعدلهم ملة) الدين والملة يتحدان الذات، ويختلفان بالاعتبار فإن الشريعة من حيث أنها تطاع تسمى دينا، ومن حيث أنها يجتمع عليها تسمى ملة، وإنما كان شرعه اقوم واعدل لخلوه عن الآصار والتكاليف الشافة التي كانت على اليهود من وجوب قطع موضع النجاسة، وحرمة البيتوتة مع الحائض م. بيت واحد، وتعين القود وعن التخفيف المفرط المفوت لمحاسن الأداب، الذي كان في دين النصارى من مخامرة النجاسات، ومباضعة الحيض، وتعين العفو في القصاص إلى غير ذلك (وأوسطهم أمة) الأوسط كالوسط بمعنى الأفضل وكذلك جعلناكم امة وسطا [البقرة: 143]، (واسدهم) أصوبهم (قبلة) فإن الكعبة أول بيت وضع للناس ابراهيم إسماعيل واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة واصطفى قريشا من بني كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم، فإن قلت: الحديث المشهور إنما يدل على شرف قبيلته من القبائل الإبراهيمية فقط والمدعى كونه عليه السلام من أشرف القبائل على الإطلاق، قلت: بني الأمر على اشتهار أشرفية القبائل الإبراهيمية من غيرها، نعم يرد أن الحديث لا يدل على أنه عليه السلام أشرف من إيراهيم نفسه عليه السلام، مع أنه جزء من المدعى، ويمكن أن يقال: الكلام في شرف التسب واين الشريف أشرف منه نسبأ لأنه ابن الشريف، والشريف ليس ابن نفسه وبمثل هذا التوجيه ثبت أشرفيته عليه السلام من إسماعيل وإسحاق عليها السلام، لأن ابن الشريفين ليس كابن أحد ذينك الشريفين في شرف النسب فتامل.
قوله: (والمراد بهذه الثلاثة مكة شرفها الله تعالى) لم يحمل الأخير على المدينة لأن مكة التي حتد بها إسماعيل عليه السلام أشرف من المدينة، واكرم عند الجمهور ثم المراد من الأقامة بطريق الولادة فلا نقض بإسماتيل عليه السلام وستبينه على توجيه آخر.
قوله: (تمى ملة) الظاهر أنه من مللت الثوب بمعنى خطته، وفيه معنى الجمع وأما الكتابة التي فيها معنى الجمع أيضا فالمشهور انها الإملال كذا يفهم من الصحاح.
قوله: (وأسدهم أصوبهم قبلة) الوجه في أنه عليه السلام اصوب قبلة بالنسبة إلى إيراهيم:
Page 23