وروى عطاء، عن أبي سلمة، عن عثمان وزيد بن ثابت في الإيلاء: إذا أمضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة. وروى حبيب بن أبي ثابت، عن طاوس، عن عثمان: أنه قال في المولي يوقف) .
وعطاء الخراساني، بالرغم من أن البخاري جعل عامة أحاديثه مقلوبة ونعته بالضعف، إلا أن بقية العلماء احتجوا بحديثة الخالي من الوهم والخطأ، وروى عنه مسلم وأصحاب السنن الأربعة، (وقد وثقه ابن معين، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه ثقة صدوق، قلت يحتج به، قال: نعم. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال الدارقطني: ثقة في نفسه) . وتوثيق هذا العدد الغفير له يدفع رأي البخاري فيه، ومع هذا الدفع تبقى لعطاء أوهامه وعلله.
ويشابه عطاء الخراساني في مرتبته وأوهامه شريك بن عبد الله النخعي، فيما يلي مثال على العلة في حديثه: قال الترمذي في علله الكبير: "حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، (نا) يزيد بن هارون عن شريك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال: رأيت رسول الله ﷺ يضع ركبتيه إذا سجد قبل يديه".
قال يزيد: لم يرو شريك عن عاصم بن كليب إلا هذا الحديث الواحد.
قال أبو عيسى: وروى همام بن يحيى، عن شقيق، عن عاصم بن كليب شيئا من هذا مرسلا، لم يذكر فيه، عن وائل بن حجر، وشريك بن عبد الله كثير الغلط والوهم.
وشريك هذا الذي وهم في هذا الحديث كما وهم في غيره، قال عنه ابن معين: ثقة ثقة، وقال عنه العجلي: كوفي ثقة، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: وسألت أبي عن شريك وأبي الأحوص أيهما إليك؟ قال: شريك، وقد كان له أغاليط وقال النسائي: ليس به بأس. وقال ابن عدي" والغالب على حديثة الصحة والاستواء، والذي يقع في حديثه من النكرة إنما أتى به من سوء حفظه، والغالب في من يوثق شريكا أنه يذكر خفة ضبطه وكثرة أوهامه ولكنه مع كل هذا يبقى من أهل الصدق والستر ولا تزول عنه رتبة الاحتجاج بحديثه.
ولقد وصف بعض الحفاظ الثقات بكثرة الوهم، ولا شك أنهم يقلون في أوهامهم عن مثل شريك وعطاء بن السائب، وهؤلاء مثل عبد الرزاق بن همام، ومعمر بن راشد الصنعانيين، قال ابن أبي حاتم في علله:
سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق عن صلة، عن عمار، عن النبي ﷺ.
"ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: الإنفاق من الاقتار ... الحديث".
فقالا: هذا خطأ: هذا خطأ. رواه الثوري وشعبة وإسرائيل وجماعة يقولون: عن أبي إسحاق، عن صلة، عن عمار، قوله. لا يرفعه أحد منهم.
والصحيح موقوف عن عمار. قلت لهما: الخطأ ممن؟ قال أبي: أرى من عبد الرزاق، أو معمر فإنهما جيعا كثيرو الخطأ".
السبب الثالث - الاختلاط أو الآفة العقلية:
وقد تكلم ابن رجب عن هذا السبب أثناء الكلام عن اختلاط المشاهير من الثقات. وقد جعل هذا نوعا من القسم الثاني من أقسام علم العلل، وبيان ذلك: أنه قسم علم العلل إلى قسمين:
القسم الأول: في معرفة مراتب الثقات، قول من يقدم منهم عند الاختلاف.
1 / 101