وكان الرسول حين أشرف على القاهرة قد بعث أحد رجاله ينبئ القواد والأمراء بقدومه ليرسلوا
من يستقبله كما هي العادة احتراما للرسالة التي يحملها من خليفة الرسول. ولم يمض كثير حتى
ضجت المدينة وغصت الشوارع بالمارة والوقوف، ولا سيما في الشوارع الممتدة من باب النصر إلى
القلعة حيث يمر الرسول. واستعد الأمراء والقواد في القلعة للاجتماع وسماع الرسالة عند
تلاوتها، وأكثرهم يظن أنها تتعلق بسلطنة شجرة الدر، والأرجح عندهم أنها تثبيت لها في المنصب
كما تعودوا فيمن ولوهم من السلاطين. وتقاطر الأمراء والقواد إلى الإيوان، وفي مقدمتهم عز
الدين أيبك وغيره من الأمراء البحرية، إلا ركن الدين؛ لأنه كان غائبا في دمياط. أما شجرة
الدر فقد كانت على سريرها في صدر الإيوان، وعليها ثوبها الملكي الذي لبسته يوم الاحتفال
بتوليتها منذ ثلاثة أشهر ومعها شوكار، وكانت هذه حزينة لغياب ركن الدين، فإنها كانت تود
حضوره.
Unknown page