فوافقته السيدة «جوديث» قائلة وهي تدفع صدرها العظيم إلى الأمام: «آه، أجل، أجل، حقا! لقد قلنا - «خوان» وأنا - أنه لم يكن خليقا بأخ زوجي أن يدنس حلته العسكرية بمثل هذا العمل الهمجي؛ والأسوأ من ذلك، أن الناس يريدون أن يورطوا زوجي!» - «كنت أيضا أشرح للسيد «ميغيل» أنني قد ابتعدت أنا وأخي بعضنا عن بعض منذ فترة طويلة؛ لم يكن يتحمل منظري، ولم أكن أتحمل رؤيته!»
فأضافت السيدة «جوديث» وهي تطلق زفرة في الهواء: «ليس إلى هذه الدرجة من السوء، ولكن الأمور العائلية تفضي دائما إلى الغضب والشجار.»
فقال ذو الوجه الملائكي: أعرف ذلك. بيد أن على السيد «خوان» ألا ينسى أن هناك دائما وشائج لا انفصام لها بين الإخوة ... - ماذا تعني يا سيد «ميغيل»؟ إنني كنت شريكه؟ - أرجو أن تعذراني ...
فقالت السيدة «جوديث» في عجلة وقد خفضت عينيها إلى الأرض: يجب ألا تصدق ذلك. حين تتدخل أمور المال تنقطع كل الوشائج. إنه لأمر محزن أن يكون الحال كذلك، ولكن المرء يراه يحدث أمامه كل يوم. المال لا يحترم وشائج القربى. - «أرجو أن تعذراني! لقد قلت الآن إن هناك وشائج لا تنفصم بين الإخوة؛ لأنه على الرغم من الخلافات في الرأي بين السيد «خوان» والجنرال، فحين رأى الجنرال أن الخراب قد حل به وتعين عليه أن يرحل عن البلاد قال لي ...» - إذا كان قد حاول أن يورطني في الجريمة فهو نذل آه، يا لها من مكيدة. - ولكنه لم يقل شيئا من هذا القبيل. - خوان، خوان، دع ضيفنا يتحدث! - لقد قال لي إنه يعتمد عليكما معا كيما ترعيا ابنته من بعده، وطلب مني أن أذهب وأتحدث إليكما كي تأخذاها لتعيش معكما في هذا المنزل.
وجاء دور ذي الوجه الملائكي كي يشعر الآن أن عباراته لا تجد أذنا صاغية. كان يبدو عليه وكأنه يتحدث إلى قوم لا يفهمون اللغة الإسبانية التي يحدثهم بها: كانت عباراته ترتد إليه كما لو كانت تصطدم بمرآة، لا يصغي لها لا السيد «خوان» الحليق النظيف ولا السيدة «جوديث» القابعة في داخل صدرها الهائل كأنما هي في داخل عربة يد. - «والأمر متروك لكما لتتدبرا أفضل ما يمكن عمله من أجل الفتاة.»
وحالما تحقق السيد «خوان» أن ذا الوجه الملائكي لم يحضر كيما يعتقله، استعاد قدرته الذهنية العادية وقال: أجل، بالطبع ... لا أدري حقا ما أقول. الواقع أنك قد فاجأتني! ليس هناك محل بالطبع لإحضارها هنا، لا يمكن للمرء أن يلعب بالنار! إنني واثق أن الفتاة الصغيرة ستكون سعيدة هنا، ولكني وزوجتي لا يمكننا أن نخاطر بفقدان أصدقائنا، ذلك أنهم سوف يحاسبوننا على أننا فتحنا أبواب بيتنا المحترم لابنة أحد أعداء السيد الرئيس. وإلى جانب هذا، فمن المعروف أن أخي الشهير قد عرض - كيف أعبر عن ذلك؟ حسنا، قد عرض ابنته على أحد الأصدقاء الحميمين لرئيس الأمة، مقابل ...
فتدخلت السيدة «جوديث» قائلة وهي تسقط صدرها المنتفخ في زفرة أخرى: كيما يتفادى الدخول إلى السجن! ولكن ... كما كان «خوان» يقول، فهو قد عرض ابنته على صديق للسيد الرئيس، الذي كان مفروضا أن يقدمها بدوره إلى السيد الرئيس نفسه، الذي كان من الطبيعي والمنطقي أن يرفض هذا العرض الشائن. وعند ذلك، رأى أمير الجيش، كما أصبحوا يلقبون الجنرال بعد خطبته الشهيرة، أن لا منجاة له، وقرر الهرب وترك ابنته لنا. هذه هي الحكاية! ماذا يمكن للمرء أن يتوقع من رجل لوث علاقاته بالشكوك كالطاعون، وجلب العار على اسم العائلة! لا تتصور أننا لم نعان نتيجة لهذه المسألة. لقد شيبتنا، كما يشهد على ذلك الله والعذراء!»
وتبدت لمحة من غضب في أعماق عيني ذي الوجه الملائكي السوداوين. - إذن، لا مجال هناك لمزيد من القول. - إننا آسفان لتجشمك عناء الحضور إلينا. لو أنك بعثت برسالة.
وأضافت السيدة جوديث: «ولو لم تكن المسألة مستحيلة تماما علينا، لكنا قد قبلنا بسرور من أجلك.»
وخرج ذو الوجه الملائكي دون كلمة أخرى ودون أن ينظر ناحيتهما.
Unknown page