السيدة الدكتورة شوجا
شكرا على رسائلك، لكن لا داعي لإعلامي بكل الخطوات التي تقومين بها، يكفي أن يتم إعلامي حالما تنتهي كل المراحل بأن العمل تم قبوله وسيقدم في التاريخ والمكان المحدد.
أنا أثق بكل الباحثين في مركزي، وأنا هنا المدير ولست على اطلاع كامل بكل التفاصيل، كما أن بريدي الإلكتروني لا يتسع لكل هذا العدد من الرسائل.
أشكر تفهمك، تحياتي،
هيروكي
لم ترد على رسالتي أبدا، ولم تعد ترسل أي معلومات ورسائل بعد ذلك. تجاهلتها فهذا جيد، لا أريد أن أرى اسمها يوميا في صندوق البريد الإلكتروني. مضى عدة أسابيع وهي مختفية تماما، لم أعلم أين هي، فافترضت أن لديها إجازة، فلست أنا من يشرف على الإجازات، وأنا لا أعلم متى يكون الموظف في إجازة، إلا إن قمت بسؤال مشرفه. ثم يبدو أنه مر وقت طويل وأنا لا أراها في الأرجاء حتى إني نسيت وجودها هنا.
هيروكي
مضى على وجود الدكتورة ساي معنا أكثر من شهرين، أعتقد أنه قد حان الوقت لأعلمها بالمهمة الأخرى التي كنت أتطلع لها؛ فقد كان أحد أهم الأسباب الأخرى التي دفعتني لتوظيف طبيب نفسي في المركز هو أن يرى خفايا لا أستطيع أن أراها أنا بين الموظفين، أريده أن يتحدث إليهم، يساعدهم حينما يرى أن هناك خللا ما في وضعهم النفسي. كنت أود الإفصاح عن تلك الرغبة حالما أجد الفرصة المناسبة؛ لذا قررت أن أحتك مع الموظفين أكثر لأرى مدى تقبلهم للدكتورة ساي بشكل عام. في معظم الأحيان أتناول طعام الغداء في مكتبي الخاص نظرا لضيق الوقت، فأطلبه إلى مكتبي ونادرا ما أذهب إلى المطعم الخاص بالمركز، لذا صرت أتردد على المطعم أكثر وأحاول أن أتحدث أكثر مع الموظفين بين ساعات العمل، وعندما سألتهم عن الدكتورة ساي من خلال حديثي معهم اكتشفت أنه لا داعي لإخبارها بهذه المهمة أبدا! فقد قامت الدكتورة ساي بالمهمة وحدها. جميع الموظفين اعتادوا أن يزوروا مكتبها ويتحدثوا إليها عن أمورهم ومشاكلهم بانفتاح شديد، شعرت مجددا بفخر لمهارتي في اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب، هذا جيد، لكن ما عكر صفوي مجددا حولها هو أن الجناح الأيمن للقراء في مكتبة المركز سيتم إصلاحه؛ أي إنني سأضطر للجلوس في الجناح نفسه مع تلك المشاكسة، وأنا حقا لا أحبذ ذلك، فهي امرأة مفرطة الحركة، وأنا لا أنعم بجلسة قراءة صافية إلا إن كانت المكتبة هادئة جدا. أذكر أنها كانت قد كتبت في سيرتها الذاتية أنها تحب ممارسة اليوغا، أشك أنها تستطيع الجلوس ولو لدقيقة واحدة بهدوء، فكيف لها أن تمارس اليوغا؟ لا بد أنها يوغا على طريقتها الخاصة!
أتى الأسبوع المقبل، وبدأت المعاناة: تدخل الدكتورة إلى المكتبة فتحدث كل أنواع الضجيج والفوضى وتزعجني. ذات ليلة أتت راكضة وهي تحمل أكوابا من الشاي والعصائر، وكعادتي تمتمت في نفسي: ستوقعها، وستتلف الكتب حولها! وما إن أنهيت جملتي تلك حتى رأيت كتابي ملطخا بالقهوة، لكن ليس مما في يديها، بل مما في يدي. فلقد سكبت قهوتي على أحد الكتب القيمة. ذعرت وبدأت بنفض القهوة عن الكتاب بطريقة عشوائية، فصرخت الدكتورة ساي: مهلا توقف!
وضعت أغراضها ثم أتت بمنديل خاص وبدأت بتجفيف الكتاب بخفة شديدة. راقبت حركات يديها وهي تقوم بتجفيفه بعناية فائقة، لقد كانت طريقتها بارعة ونظراتها للكتاب كانت ساحرة. في قلبي لمت نفسي على الظن السيئ بها دوما، وهذه المرة أنا الذي سكبت قهوتي على الكتاب وهي من قامت بتنظيفه. ثم قامت، بحسها الأنثوي، بتنظيف الطاولة والأرضية مع أنها ليست مضطرة لفعل ذلك، ثم نظرت إلى قميصي وقالت: بروفيسور، قم بتبديل قميصك حالا!
Unknown page