وسيأتى مزيد توضيح لتلك المقاصد مع الاخبار والقرائن الدالة عليها في كتب المزار انتهى كلامه رفع مقامه وربما يمنع من كون محراب المعصوم (ع) من الأدلة العلمية وان علم بقائه على بنائه وصلاة المعصوم فيه من دون انحراف بمنع وجوب عمل المعصوم (ع) العلم في تلك الصلاة فلعله اكتفى بالجهة العرفية إما لمنع تمكنه في ذلك الوقت من العلم العادي البشرى وعدم تكليفه بالعمل بعلومهم المختصة واما لمنع وجوب العمل بالعلم للبعيد مع استقبال ما يصدق عليه الجهة عرفا أو لعله اكتفى بسبب شرعي يقوم مقامه العلم كالبينة ونحوها وإن كان مخالفا للواقع سيما إذا كان مورد العمل من قبيل الشروط العلمية التي لا يوجب اختلالها فساد العبادة في الواقع كما قال الأمير (ع) الا أبالي أبول أصابني أم ماء إذ المراد وعلى فرض الإغماض عن الكل فلعل الإمام (ع) صلى على وضع المحراب تقية ودفع ذلك ونحوه بالأصل يخرج العلامة عن كونه قطعية ليقدم على غيرها وكيف كان لو فقد تيسر العلم عول على العلامات المنصوبة للدلالة عليها المذكورة في كتب الفقه وغيرها وسيأتي جملة منها لبعض الآفاق واشتراط التعويل عليها بفقد العلم يكشف من عدم كونها مقيدة للعم مع أن الظاهر المصرح به في كلام بعض ومحكى آخرين منهم المصنف في المنتهى تبعا للمحقق في المعتبر والشهيد في الذكرى انها تفيد العلم بالجهة إذا أحرزت على وجهها المعتبر وان أراد العلم بالعين فهو حق الا انه لابد من تخصيص العلم المذكور في أول الكلام أيضا بالعين فيبقى العبارة خالية عن ذكر العلم بالجهة التي هي قبلة البعيد والبلوى بها أعم الا ان يقال ايجاب التعويل على تلك العلامات مع فرض افاداتها العلم بالجهة والحكم بأنه يجتهد مع الخفاء أي خفاء تلك العلامات في قوة التصريح بأنه يجب على من فقد العلم بالعين كالبعيد العلم بالجهة باعمال تلك العلامات ومن فقد ذلك يجتهد في الامارات الموجبة للظن بالجهة ويمكن أيضا ابتناء الكلام على عدم كون العلامات مفيدة للعلم لأغلب الناس لعدم اطلاعهم على وجه دلالتها على الجهة بل هذا مخفى على من عدا الرصدى الدقيق المباشر لملاحظة طول البلد وعرضه بالنسبة إلى طول مكة زادها الله شرفا وعرضها فيكون مرجع [جل] الناس في ذلك إلى قول أهل الرصد وقولهم لا يفيد الا الظن لان فهم علم دقيق لا يؤمن فيه الخطاء في الاحكام والاشتباه في الموضوعات والمحاسبات وغيرها بل ربما حكى عن بعض أنه قال وافرط فيما قال إن شيئا من كلامهم لا يفيد علما ولا ظنا ولا وثوق لنا باسلامهم فضلا عن عدالتهم فكيف يحصل لنا علم أو ظن بصحة ما يلقونه إلينا من قواعدهم وهذا القول وإن كان مصادما للوجدان الا ان دعوى حصول العلم منها بجهة الكعبة
Page 45