٢ - حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيه، عن عائشة أم المؤمنين ﵂: أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ ﵁ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
(أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ، فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلًا، فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ).
قَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ، فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ ليتفصد عرقا.
[٣٠٤٣].
_________
أخرجه مسلم في الفضائل، باب: طيب عرق النبي ﷺ في البرد وحين يأتيه الوحي، رقم: ٢٣٣٣.
(صلصلة) هي صوت الحديد إذا حرك، وتطلق على كل صوت له طنين. والمشبه هنا صوت الملك بالوحي. (فيفصم) يقلع، وأصل الفصم القطع من غير إبانة. (وعيت) فهمت وحفظت. (ليتفصد) يسيل، من الفصد وهو قطع العرق لإسالة الدم، شبه الجبين بالعرق المفصود، مبالغة من كثرة عرقه.
٣ - حدثنا يحيى بن بكير قال: حدثنا الليث عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ، فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهُوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ، قَالَ: (مَا أَنَا بِقَارِئٍ). قَالَ: (فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الإِنْسَانَ من علق. اقرأ وربك الأكرم﴾). فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ⦗٥⦘ ﷺ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ ﵂ فَقَالَ: (زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي). فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ: (لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي). فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، ابْنَ عم خديجة، وكان امرءا تنصر في الجاهلية، وكان يمتب الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ، فَيَكْتُبُ مِنَ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قد عمي، فقالت له خديجة: يا بن عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ. فَقَالَ لَهُ ورقة: يا بن أَخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خبر ما رأى، فقاله له ورقة: هذا الناموس الذي نزله الله به على موسى، يا ليتني فيها جذع، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ). قَالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أن توفي، وفتر الوحي. [٣٢١٢، ٤٦٧٠، ٤٦٧٢ - ٤٦٧٤، ٦٥٨١]. _________ أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بَدْءُ الْوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، رقم: ١٦٠. (الصالحة) الصادقة، وهي التي يجري في اليقظة ما يوافقها. (فلق الصبح) ضياؤه ونوره، ويقال هذا في الشيء الواضح البين. (الخلاء) الانفراد. (بغار حراء) الغار هو النقب في الجبل، وحراء اسم لجبل معروف في مكة. (ينزع) يرجع. (ما أنا بقارئ) لا أعرف القراءة ولا أحسنها. (فغطني) ضمني وعصرني حتى حبس نفسي، ومثله غتني. (الجهد) غاية وسعي. (أرسلني) أطلقني. (علق) جمع علقة، وهي المني بعد أن يتحول إلى دم غليظ متجمد، والآيات المذكورة أول ما نزل من القرآن الكريم، وهي أوائل سورة العلق. (يرجف فؤاده) يخفق قلبه ويتحرك بشدة. (زملوني) لفوني وغطوني. (الروع) الفزع. (ما يخزيك) لا يذلك ولا يضيعك. (لتصل الرحم) تكرم القرابة وتواسيهم. (تحمل الكل) تقو بشأن من لا يستقل بأمره ليتم وغيره، وتتوسع بمن فيه ثقل وغلاظة. (تكسب المعودم) تتبرع بالمال لمن عدمه، وتعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك. (تقري الضيف) تهيئ له القرى، وهو ما يقدم للضيف من طعام وشراب. (نوائب الحق) النوائب جمع نائبة، وهي ما ينزل بالإنسان من المهمات، وأضيفت إلى الحق لأنها تكون في الحق والباطل. (تنصر) ترك عبادة الأوثان واعتنق النصرانية. (الناموس) هو صاحب السر، والمراد جبريل ﵇، سمي بذلك لاختصاصه بالوحي. (فيها) في حين ظهور نبوتك. (جذع) شاب، والجذع في الأصل الصغير من البهائم، ثم استعير للشاب من الإنسان. (يومك) يوم إخراجك، أو يوم ظهور نبوتك وانتشار دينك. (مؤزرا) قويا، من الأزر وهو القوة. (ينشب) يلبث. (فتر الوحي) تأخر عن النزول مدة من الزمن.
٣ - حدثنا يحيى بن بكير قال: حدثنا الليث عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ، فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهُوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ، قَالَ: (مَا أَنَا بِقَارِئٍ). قَالَ: (فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الإِنْسَانَ من علق. اقرأ وربك الأكرم﴾). فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ⦗٥⦘ ﷺ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ ﵂ فَقَالَ: (زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي). فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ: (لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي). فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، ابْنَ عم خديجة، وكان امرءا تنصر في الجاهلية، وكان يمتب الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ، فَيَكْتُبُ مِنَ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قد عمي، فقالت له خديجة: يا بن عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ. فَقَالَ لَهُ ورقة: يا بن أَخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خبر ما رأى، فقاله له ورقة: هذا الناموس الذي نزله الله به على موسى، يا ليتني فيها جذع، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ). قَالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أن توفي، وفتر الوحي. [٣٢١٢، ٤٦٧٠، ٤٦٧٢ - ٤٦٧٤، ٦٥٨١]. _________ أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بَدْءُ الْوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، رقم: ١٦٠. (الصالحة) الصادقة، وهي التي يجري في اليقظة ما يوافقها. (فلق الصبح) ضياؤه ونوره، ويقال هذا في الشيء الواضح البين. (الخلاء) الانفراد. (بغار حراء) الغار هو النقب في الجبل، وحراء اسم لجبل معروف في مكة. (ينزع) يرجع. (ما أنا بقارئ) لا أعرف القراءة ولا أحسنها. (فغطني) ضمني وعصرني حتى حبس نفسي، ومثله غتني. (الجهد) غاية وسعي. (أرسلني) أطلقني. (علق) جمع علقة، وهي المني بعد أن يتحول إلى دم غليظ متجمد، والآيات المذكورة أول ما نزل من القرآن الكريم، وهي أوائل سورة العلق. (يرجف فؤاده) يخفق قلبه ويتحرك بشدة. (زملوني) لفوني وغطوني. (الروع) الفزع. (ما يخزيك) لا يذلك ولا يضيعك. (لتصل الرحم) تكرم القرابة وتواسيهم. (تحمل الكل) تقو بشأن من لا يستقل بأمره ليتم وغيره، وتتوسع بمن فيه ثقل وغلاظة. (تكسب المعودم) تتبرع بالمال لمن عدمه، وتعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك. (تقري الضيف) تهيئ له القرى، وهو ما يقدم للضيف من طعام وشراب. (نوائب الحق) النوائب جمع نائبة، وهي ما ينزل بالإنسان من المهمات، وأضيفت إلى الحق لأنها تكون في الحق والباطل. (تنصر) ترك عبادة الأوثان واعتنق النصرانية. (الناموس) هو صاحب السر، والمراد جبريل ﵇، سمي بذلك لاختصاصه بالوحي. (فيها) في حين ظهور نبوتك. (جذع) شاب، والجذع في الأصل الصغير من البهائم، ثم استعير للشاب من الإنسان. (يومك) يوم إخراجك، أو يوم ظهور نبوتك وانتشار دينك. (مؤزرا) قويا، من الأزر وهو القوة. (ينشب) يلبث. (فتر الوحي) تأخر عن النزول مدة من الزمن.
1 / 4