أخبرت زوجها بالفعل، وغاظها. قال: «أظن أن هذا الأخرق الذي يحلق رأسه مثل الراهب أعجب بك من أول نظرة.» كيف يعتقد زوجها أنها قد تقع في غرام رجل شعره آخذ في النحول ممشط فوق جبهته، كتفاه غير عريضتين ويوجد فراغ في أسنانه الأمامية، وله خمسة أبناء من زوجتين، ودخله غير كبير، يتحدث بطريقة متحذلقة وانفعالية، ولديه اهتمام معلن بكتابات آلان واتس؟ (حتى عندما حان الوقت الذي عليه فيه أن يصدق الأمر، لم يستطع.)
عندما كتبت إليه، أشارت إلى غداء، وشراب، أو قهوة، لم تخبره كم من الوقت كان فارغا. ربما كان ذلك هو كل ما كان سيحدث، تحدث نفسها. ستذهب إلى زيارة صديقتها على أي حال. وضعت نفسها، وإن كان بحذر، تحت تصرف هذا الرجل. وهي متجهة إلى مكتب البريد، ومحققة في مظهرها في واجهات المتاجر، تشعر أنها متحررة، لكن في خطر. تفعل هذا، دون أن تعرف لماذا، لا تعرف سوى أنها لا تستطيع العودة إلى الحياة التي كانت تحياها أو إلى الشخص الذي كانت إياه قبل أن تذهب صبيحة ذلك الأحد إلى النهر. حياتها المؤلفة من التسوق والقيام بالأعمال المنزلية والمضاجعة الزوجية وعملها بنصف دوام في متجر الكتب بالمتحف الفني، وحفلات العشاء والإجازات ورحلات التزلج في كامب فورتشن؛ لا تستطيع أن تكون هذه حياتها فقط، ولا تستطيع الاستمرار في تلك الحياة دون هذا الأمر. تعتقد أنها تنتوي الاستمرار في حياتها، ومن أجل أن تستمر يجب أن تحافظ على هذا الأمر. ما هذا الأمر؟ البحث، بالنسبة إليها لا تزال تنظر للأمر وكأنه بحث.
إذا نظرنا للأمر على هذا النحو، فسيبدو ما هي عازمة عليه كنوع من عدم الاكتراث، لكن كيف يمكن أن يشار إليها على أنها غير مكترثة بأي شيء، وهي تسير إلى مكتب البريد كل صباح في مثل هذه الحالة من الجبن، وترتجف وتحبس أنفاسها عند إدارة المفتاح في القفل، وتعود إلى شقة موريس شاعرة بالإجهاد، والحيرة، والعزلة الشديدة، إلا إذا كان هذا، أيضا، جزءا مما تبحث عنه؟
بالطبع، عليها أن تتوقف وتتحدث إلى الناس عن ابنها وابنتها وزوجها وحياتها في أوتاوا، عليها أن تتذكر أصدقاء المدرسة الثانوية وتتذكر طفولتها، وهو ما يبدو مملا ومزعجا لها في مجمله. تبدو المنازل، وهي تمر عليها - أفنيتها المنظمة ونباتات الخشخاش اللامعة وزهور الفاوانيا اليانعة - مملة إلى درجة الاشمئزاز. ترى أن أصوات الأشخاص الذين يتحدثون إليها أجشة وغبية ومغرورة؟ تشعر كما لو أنها قد أقصيت إلى ركن ما من العالم لم تصل إليه على الإطلاق الحياة والأفكار الحقيقية، صخب وحيوية السنوات القليلة الأخيرة. بينما لم تصل هذه الأشياء بشكل كامل إلى أوتاوا، أيضا، هناك، على الأقل، يسمع الناس الإشاعات، يحاولون تقليد الآخرين، يعرفون أشياء عما يمكن أن يطلق عليه تغييرات الموضة العميقة، والتافهة في نفس الوقت. (تسخر جوان وزوجها، حقيقة، من بعض هؤلاء؛ أولئك الذين يتفاخرون باتباع الموضة، ويذهبون إلى مجموعات العلاج النفسي وإلى المعالجين الشموليين، ويتركون تناول المشروبات الكحولية ليتناولوا المواد المخدرة.) هنا، بالكاد يسمع عن هذه التغييرات التافهة. عند عودتها إلى أوتاوا الأسبوع التالي، وإزاء شعورها بالحنان تجاه زوجها، وشغفها بأن يقضيا وقتهما في الحديث معا، ستقول جوان: «كنت سأشعر بالامتنان إذا تطوع أحدهم وناولني ولو سندويتشا من براعم البرسيم الحجازي. حقا، كان الأمر بهذا السوء.» «لا، لا أملك مكانا» هو ما ظلت جوان تردده بينما كانت هي وموريس يبحثان في محتويات الصناديق. هناك أشياء هنا كانت تعتقد أنها ستحتاج إليها، لكنها لا تحتاج إليها. «لا، لا أعرف أين سأضعها.» تقول لا لفساتين أمها للرقص التي من الحرير الرقيق والجورجيت الناعم، ستتمزق عندما يرتديها أي أحد ، وكلير ابنتها لن تشغف بأي من هذا، تريد أن تصبح مدربة خيول. لا لكئوس الخمر الخمسة التي لم تنكسر، ولا للنسخ المغلفة بالورق الجلدي من كتب ليفر ولافر، وجورج بورو، وإيه إس إم هتشينسون. تقول في حزن بينما يضيف موريس كل هذا إلى كومة الأشياء التي ستذهب إلى قاعات المزاد: «لدي أشياء كثيرة الآن.» كان آخر الأشياء التي فحصها هو البساط الصغير الذي كان موضوعا على الأرض أمام خزانة الآنية الخزفية، بعيدا عن الشمس، والذي لم يكن من المفترض السير عليه لأنه قيم.
تقول: «رأيت واحدا مثل هذا تماما قبل شهرين ... كان في متجر لبيع البضائع المستعملة، لم يكن حتى متجرا لبيع التحف القديمة. كنت هناك أبحث عن كتب مصورة قديمة وملصقات لعيد ميلاد روب، رأيت واحدا مثله تماما، في البداية لم أعرف حتى أين رأيته من قبل، ثم شعرت بصدمة بالغة، كما لو كان من المفترض أن تكون هناك قطعة واحدة منه فقط في العالم.»
يقول موريس: «كم كان الثمن الذي طلبوه مقابله؟» «لا أعلم، كان في حالة أفضل.»
لا تفهم بعد أنها لا ترغب في أن تأخذ معها شيئا إلى أوتاوا لأنها نفسها لن تمكث في المنزل هناك أكثر من ذلك. انتهى وقت ركم، واكتساب وترتيب، وتسوية أركان حياتها. (ستعاود حياتها مجددا في سنوات لاحقة، وستتمنى أنها كانت قد أخذت كئوس الخمر على الأقل.) في أوتاوا، في سبتمبر، سيسألها زوجها إذا كانت لا تزال ترغب في شراء أثاث مصنوع من البامبو لوضعه في الغرفة الشمسية، وإذا كانت ترغب في الذهاب إلى متجر بيع الأثاث المصنوع من البامبو؛ حيث توجد تخفيضات على بضائع الصيف. ستشعر برجفة نفور آنذاك - لمجرد التفكير في البحث عن مقاعد وموائد، ودفع ثمنها، وترتيبها في الغرفة - وستكتشف في النهاية الأمر.
في صباح يوم الجمعة، كان هناك خطاب في صندوق البريد مكتوب عليه اسم جوان، لا تنظر إلى ختم البريد؛ تفتح الظرف في امتنان، وتمرر عينيها على الخطاب في نهم، تقرأ دون فهم، يبدو مثل الخطاب المسلسل. محاكاة ساخرة لهذا النوع من الخطابات، مزحة. يقول الخطاب إنها إذا لم ترسل نسخا منه، ستحل بها «كارثة عظيمة»: ستتعفن أظافرها وستتسوس أسنانها، دمامل كبيرة في حجم القرنبيط ستظهر في كل مكان في ذقنها، وسيتجنبها أصدقاؤها. تحدث جوان نفسها قائلة: ماذا عساه يكون ذلك؟ شفرة رآها جون برولير ملائمة ليبعث بها إليها؟ ثم يخطر لها أن تنظر إلى ختم البريد، وهكذا تفعل، فترى أن الخطاب وارد من أوتاوا، خطاب من ابنها، بداهة. يحب روب مثل هذا النوع من المزاح، كان والده سيكتب بدلا منه الاسم على المظروف.
تفكر في سرور ابنها عندما كان يغلق المظروف وفي حالتها عندما فتحته بسرعة.
خيانة وحيرة.
Unknown page