Rum
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
Genres
6
الحرب الفارسية (610-628)
وكانت الإمبراطورية في حالة من الفوضى والاضطراب تدعو إلى القلق الشديد، فكتب هرقل إلى أبرويز يعلمه بالقصاص الذي أنزله بفوقاس، ويؤكد له أن إعادة السلم بين الدولتين أصبح ميسورا، ولكن أبرويز لم يجب، وكانت جيوشه قد قطعت الفرات واحتلت قرقيسية عند مصب الخابور وكلينيكم إلى شماليها، فأنفذ هرقل بريسقوس القائد إلى قيصرية قبذوقية ليطرد الفرس منها، فطردهم بعد حصار دام سنة كاملة، ولكنهم خرجوا منها مفتتحين لهم طريقا بالقوة وأنزلوا بالروم خسارة كبيرة.
ثم اتجهوا شطر أرمينية لتمضية فصل الشتاء، واستطاعوا أن ينتصروا على الروم في سورية فأخذوا حمص عنوة في السنة 611، فما أطلت السنة 612 حتى سافر هرقل من القسطنطينية إلى آسية الصغرى ليدرس الموقف مع بريسقوس عن كثب، فتباطأ القائد في استقبال الفسيلفس متذرعا بالمرض، وفي النهاية أفهم هرقل أنه لن يرضى عن تدخله في أمور الجيش، فسكت هرقل على هذه الوقاحة؛ لأنه لم يكن بإمكانه آنئذ أن يقاوم قوة بريسقوس بقوة مماثلة.
وفي خريف السنة 612 أم العاصمة نيقيطاس؛ ليفاوض الفسيلفس في شئون مصر، وقدمها بريسقوس أيضا؛ ليشترك في استقبال هذا الضيف الملكي، وكان قد ولد لهرقل ولد ذكر فأعلم الفسيلفس بريسقوس بوجوب بقائه في العاصمة لحضور حفلة عماد الطفل في الخامس من كانون الأول، فصدع بريسقوس بالأمر، ولم يبرح العاصمة، وانتهز الفسيلفس هذه السانحة فاتهم القائد بالخيانة العظمى وأمر بإلقاء القبض عليه وإيداعه أحد الأديرة، ثم أطل على جنود العاصمة فحيوه قائدا أعلى.
ثم جعل نيقيطاس قائدا على الحرس وأخرج فيليبيقوس من الدير الذي كان قد التجأ إليه وسلمه القيادة، وأشرك أخاه ثيودوروس فيها أيضا.
ورأى هرقل أن يواجه الفرس في الجبهتين في آن واحد، فأنفذ فيليبيقوس بجيش إلى أرمينية، وقام هو وأخوه ثيودوروس إلى سورية الشمالية ليصدا أبرويز عن احتلال سواحل لبنان وفلسطين ومصر. وكان أبرويز قد لمس ضعف الروم لمس اليد، فأحب أن يستغل الموقف، فالتقى الجيشان واشتبكا حول أسوار أنطاكية في السنة 613، فدحر الروم وتراجعوا إلى مداخل قيليقية فغلبوا فيها أيضا، واحتل الفرس طرسوس وقيليقية بأكملها.
ومثل هذا وقع لفيليبيقوس في أرمينية، وفي السنة 614 تابع الفرس زحفهم إلى الجنوب بقيادة شهربراز، وزحفوا من قيصرية فلسطين إلى أوروشيلم، وهي البلد المقدس عند أعدائهم، فحصروها عشرين يوما ثم دخلوها عنوة، فقتلوا جموعا غفيرة من النصارى سبعة وخمسين ألفا وأسروا خمسة وثلاثين ألفا وأحرقوا الكنائس وألقوا القبض على البطريرك زخريا واستولوا على عود الصليب وأرسلوه إلى فارس، وكان شهربراز قد حالف اليهود على النصارى، فلما تم له ما أراد نفى من المدينة المقدسة جميع اليهود ثم أذن بترميم الكنائس، وهرع نيقيطاس إلى المدينة المقدسة فلم ينقذ من آثارها سوى الحربة المقدسة والإسفنجة،
7
وفي السنة 615 حاول شاهين قائد الفرس أن يكمل احتلال آسية الصغرى، ولكنه لم يفلح فتراجع، وفي ربيع السنة 619 عاد شهربراز إلى الفتح فزحف على مصر واحتل بليسيوم وممفيس وبابل، ثم عرج على الإسكندرية فحاصرها واستولى عليها.
Unknown page