4
إضافة إلى ما يعرف نقديا ب «تيار الوعي».
5
يعتمد منهجها الكتابي على استشفاف حيوات شخوصها من خلال الغور داخل أفكارهم واستدعاء خواطرهم وهو ما يسمى «استثارة حالات الذهن الإدراكية»، حسيا ونفسيا، والذي يشكل نموذجا لطرائق تداعيات الوعي البشري. تفعل وولف ذلك من خلال رصد وتسجيل لحظات الوعي المتناثرة داخل الذات وداخل المخ البشري لتعيد ترتيبها وفق صورة تشكيلية ترسمها وولف بحنكتها الروائية.
تلتقي تقنياتها تلك مع تقنيات كل من «بروست» و«جويس»،
6
متجاوزة بذلك التقنية التقليدية في القص والرواية، التي انتهجت الوصف الخطي المتنامي زمنيا والرصد الموضوعي للحدث، والتي ميزت رواية القرن التاسع عشر.
عمد أسلوبها إلى تصاعد الوعي الذهني لشخوص روايتها في تزامن مع التصاعد السردي للحدث. الكتل الزمنية تتراص متوازية في الذاكرة وبالتالي في الرؤية الدرامية. المشاهد غير المكتملة تتقاطع وتشتبك لتخلق لوحة أرحب وأشد تعقيدا. التنوع الأسلوبي للقص داخل الرواية الواحدة يذكر القارئ دائما أن خطا شعريا أو خياليا متورط في العمل.
إن تبني تيار الوعي في السرد القصصي، والذي يتراوح بين التفاصيل الدنيوية اليومية العادية وبين الإسهاب الغنائي، إضافة إلى الخبرة العالية بطرائق تشكل المشهد، هما من أهم أدوات وولف الكتابية، التي أظهرت لقارئها مدى أهمية استغلال وتنمية قدرات الخيال التشكيلي في حياتنا اليومية، كما هو لدى المبدع، في بناء النص.
اشتهرت وولف باستدعاءاتها الشعرية التي تستخلصها من ميكانيزم التفكير والشعور البشري. كانت، مثل بروست وجويس، قادرة بامتياز على استحضار كافة التفاصيل الواقعية والحسية من الحياة اليومية، غير أنها دأبت على انتقاد أسلوب مجايليها «آرنولد بينيت» و«جون جولز وورثي» بشأن اهتمامهما البالغ برسم واقعية ميكروسكوبية وثائقية مفرغة من الفن، وهو ما انسحب عليهما من روائيي القرن ال 19. كانت ترى أن الواقعيين المعاصرين الذين يزعمون الموضوعية العلمية الحيادية هم زائفون بالضرورة، ما داموا لا يعترفون بحقيقة أنه لا حياد تاما في الرؤية، لأن «الواقعية» يتم رصدها على نحو مختلف باختلاف راصديها. الأسوأ من ذلك، من وجهة نظرها، أن محاولتهم الوصول للموضوعية العلمية الدقيقة تلك؛ غالبا ما ينتج عنها محض تراكم زمني للتفاصيل.
Unknown page