Risala Qubrusiyya
الرسالة القبرصية(م)
Publisher
المطبعة السلفية،القاهرة
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٣٩٩ هـ
Publisher Location
مصر
هم قَوْمٌ ضَالُّونَ، يَجْعَلُونَهُ مَعَ هَذَا ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ دَرَجَةً، وَيَجْعَلُونَ لِكُلِّ دَرَجَةٍ مِنْ الْأَثَرِ مَا يُخَالِفُ الْأُخْرَى، لَا بِاخْتِلَافِ الْقَوَابِلِ، كَمَنْ يَجِيءُ إلَى مَاءٍ وَاحِدٍ فيجعل لبعض جزئيه مِنْ الْأَثَرِ مَا يُخَالِفُ الْآخَرَ، لَا بِحَسَبِ الْقَوَابِلِ؛ بَلْ يَجْعَلُ أَحَدَ أَجْزَائِهِ مُسَخَّنًا، وَالْآخَرَ مُبَرَّدًا، وَالْآخَرَ مُسْعَدًا، وَالْآخَرَ مشقيا، وَهَذَا مِمَّا يَعْلَمُونَ هُمْ وَكُلُّ عَاقِلٍ أَنَّهُ بَاطِلٌ وَضَلَالٌ.
وَإِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يَنْفِي وُجُودَ شَيْءٍ آخَرَ فَوْقَ الْأَفْلَاكِ التِّسْعَةِ، كَانَ الْجَزْمُ بِأَنَّ مَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ هُوَ أَنَّ الْعَرْشَ هُوَ الْفَلَكُ التَّاسِعُ رَجْمًا بِالْغَيْبِ، وَقَوْلًا بِلَا عِلْمٍ.
هَذَا كُلُّهُ بِتَقْدِيرِ ثُبُوتِ الْأَفْلَاكِ التِّسْعَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ أَهْلِ الْهَيْئَةِ، إذْ فِي ذَلِكَ مِنْ النِّزَاعِ وَالِاضْطِرَابِ، وَفِي أَدِلَّةِ ذَلِكَ مَا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ، وَإِنَّمَا نَتَكَلَّمُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، وَأَيْضًا: فَالْأَفْلَاكُ فِي أَشْكَالِهَا، وَإِحَاطَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ؛ فَنِسْبَةُ السَّابِعِ إلَى السَّادِسِ، كَنِسْبَةِ السَّادِسِ إلَى الْخَامِسِ، وَإِذَا كَانَ هُنَاكَ فَلَكٌ تَاسِعٌ فَنِسْبَتُهُ إلَى الثَّامِنِ كَنِسْبَةِ الثَّامِنِ إلَى السَّابِعِ.
وَأَمَّا الْعَرْشُ فَالْأَخْبَارُ تَدُلُّ عَلَى مُبَايَنَتِهِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ نِسْبَتُهُ إلَى بَعْضِهَا كَنِسْبَةِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ الآية [غافر: ٧]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٧]، فَأَخْبَرَ أَنَّ لِلْعَرْشِ حَمَلَةً الْيَوْمَ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَّ حَمَلَتَهُ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ قِيَامَ فَلَكٍ مِنْ الْأَفْلَاكِ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَقِيَامِ سَائِرِ الْأَفْلَاكِ، لَا فَرْقَ
1 / 7