قالت صحيفة «مورنينج نيوز»: «بفخر عظيم ننشر برقية بول كينزي-هيويت. كما سيرى قراؤنا، تبرهنت صحة اكتشافه بواسطة ثلاث طائرات تابعة لسلاح الجو الملكي، كانت قد أرسلت لتحديد المكان بعد وصول السيد كينزي-هيويت إلى مكلة.» كانت صحيفة «مورنينج نيوز» قد أبرمت عقدا مع كينزي-هيويت لنشر سلسلة مقالات عن رحلته الحالية، حين تنتهي تلك الرحلة، وكانت الآن في حالة نشوة هائلة لما صادفته من توفيق غير متوقع.
تجاوز جرانت حديث الصحيفة عما أحرزته من نصر، وانتقل إلى الكتابة الأكثر رزانة للمستكشف الظافر نفسه. «كنا في الربع الخالي في مهمات علمية ... لم يكن في أذهاننا أي تصور عن التاريخ البشري سواء الواقعي منه أو الخرافي ... بلاد جرت فيها استكشافات كثيرة ... جبال عارية لم يفكر أحد من قبل قط في تسلقها ... وقت مهدر بين أحد الآبار، والذي يليه ... في أرض الماء فيها هو الحياة لا يشرد أحد ليتسلق مرتفعات شديدة الانحدار ... استرعت الانتباه طائرة جاءت مرتين في غضون خمسة أيام، وأمضت بعض الوقت تحوم في دوائر على ارتفاع منخفض فوق الجبال ... ظننا أن طائرة قد تحطمت ... عملية إنقاذ محتملة ... مؤتمر ... ذهبنا أنا وروري هالارد للبحث، بينما ذهب داوود للبئر في زاروبا وأحضر حملا من الماء وعاد ليلقانا ... لا يوجد مدخل ظاهر ... جدران تشبه جارب كوير على جبل بريرياك ... استسلمنا ... روري ... مسار كانت حتى العنزات ستخفق في عبوره ... ساعتان حتى قمة الجبل ... واد رائع الجمال ... خضرة تكاد تكون صادمة ... نوع من شجيرات الأثل ... طراز معماري يذكرك باليونان أكثر مما يذكر بشبه الجزيرة العربية ... الأروقة ... صنف فارسي ذو بشرة فاتحة وعينين جميلتين ... جمال وعظام صغيرة لعرق ناتج عن زواج القربى ... ودودون جدا ... متحمسون كثيرا لظهور الطائرة، التي يبدو أنهم ظنوها طائرا من نوع ما ... ميادين وشوارع مرصوفة ... حضرية بصورة غريبة ... انعزال ليس بسبب صعوبات المسار الجبلي، بل بسبب الافتقار إلى الدواب من الحيوانات لحمل الماء ... من الصعب عبور الصحراء من دون ذلك ... في وضعية جزيرة صغيرة في بحر من الرمال ... كنا غير مدركين لما يقبع خلف تلك الصحراء، أو إلى أي مدى يمكن أن تمتد كما كان حال القدماء فيما يتعلق بما يقبع خلف المحيط الأطلنطي ... تقليد كارثي، لكن بسبب الصعوبات اللغوية فهذا تخمين؛ لكونه ترجمة للغة الإشارة وليس من ... الزراعة الشريطية ... إله على شكل قرد مصنوع من الحجر ... عبار ... اضطراب بركاني ... عبار ... عبار ...»
كانت صحيفة «مورنينج نيوز» قد أدرجت مخططا تفصيليا متقنا لشبه الجزيرة العربية مع وضع علامات بخطوط متقاطعة هكذا «+» في المكان المناسب.
استلقى جرانت وراح يحدق فيها.
كان «ذلك» إذن ما رآه بيل كينريك.
لقد خرج من قلب عاصفة هوجاء، من بين تيارات الرمال والظلام، وأطل من طائرته على ذلك الوادي الأخضر المتحضر القابع بين الصخور. لا عجب كثيرا في أنه عاد من هناك «مشوشا» وكأن عقله كان «لا يزال هناك». لم يصدق هو نفسه ما رآه . فعاد ليبحث؛ ليفتش عن هذا المكان الذي لم يظهر على أي خريطة، وينظر إليه. هذا - ذاك - كان فردوسه.
كان هذا هو ما كتب عنه في المساحة الفارغة في إحدى الصحف المسائية.
كان هذا هو ما أتى إلى إنجلترا من أجله ...
أتى إلى هيرون لويد من أجل ...
أتى إلى «هيرون لويد» ...!
Unknown page