بورتريه لتشارلز فريدريك وورث عام 1895. تصوير: جاسبارد-فيلكس تورناشو. (3-1) تشارلز فريدريك وورث
يعد تشارلز فريدريك وورث (1826-1895) أول شخص يعمل مصمم أزياء؛ إذ كان يمتلك بيت أزياء شهيرا في باريس، وكان عضوا بالغرفة النقابية للأزياء الراقية ومصمما مسجلا لديها أيضا. وباعتباره «الأب الروحي لتصميم الأزياء»، بدأ تقليدا متمثلا في كونه مؤسسا لعلامته التجارية ومديرا إبداعيا لها ومصمما للصور الخاصة بها، وكان أول شخص يقرر ما ينبغي على عملائه أن يرتدوه. كان مواطنا إنجليزيا وعمل في عدة متاجر لبيع الأقمشة بلندن قبل أن ينتقل إلى باريس عام 1846. وعمل لدى تاجر أقمشة باريسي، وتزوج إحدى عارضات الأزياء التي كانت ترتدي أوشحته وقبعاته لعرضها على عملائه في المتجر. ثم قرر أن يصمم بضعة فساتين لزوجته لتتلاءم مع الإكسسوارات التي ينتجها، وكما لك أن تتوقع، طلب الزبائن نسخا من هذه الفساتين. وفي عام 1858، عقد صفقة مع أوتو بوبيرج لافتتاح بيت أزياء وورث آند بوبيرج؛ حيث كانا يصممان فساتين الإمبراطورات والكونتيسات وفتيات المجتمع الراقي وغيرهن من السيدات ذوات الألقاب والمراكز المرموقة في المجتمع. ثم لفت وورث انتباه الأثرياء والمشاهير في نيويورك وبوسطن الذين كانوا يسافرون خصوصا إلى باريس لتصمم لهم ملابسهم.
إليزابيث إمبراطورة النمسا وهي ترتدي فستان سهرة ملكيا مرصعا بالنجوم الفضية من تصميم وورث، 1865. لوحة زيتية بريشة الفنان فرانتس كسافير فينترهلتر (1805-1873).
اشتهر وورث بقدرته على تغيير شكل جسم المرأة من خلال استخدام الأقمشة الفاخرة البسيطة المناسبة في تصميمات رائعة تتناسب مع مقاس الجسم. وأثبتت هذه المعادلة نجاحها الساحق بالنسبة إلى وورث. وفي خطوة محفوفة بالمخاطر، خرج على العرف السائد بترك زبائنه يفرضون عليه تصميماتهم المختارة، وبدلا من ذلك كان يعقد ما يعرف اليوم بعرض أزياء مصغر غير رسمي، أربع مرات في السنة. وصار مشهورا جدا لدرجة أنه اضطر إلى رفض بعض الزبائن؛ الأمر الذي رفع أكثر من مكانته. لقد أحدث ثورة كاملة في مجال تصميم الأزياء من خلال ابتكار مفهوم لم يفكر فيه أحد قبله حينها، فبدلا من أن يشتهر بكونه مجرد خياط ماهر، كان يعتبر فنانا حقيقيا.
في عام 1871، اضطر وورث إلى تصفية نشاطه التجاري بسبب الحرب الفرنسية البروسية، وحين أعاد فتح مشروعه التجاري مرة أخرى، كان قد انفصل عن شريكه الأصلي وأطلق على شركة التصميم الخاصة به اسم «ذا هاوس أوف وورث». وانضم أبناؤه (الذين أسس أحدهم الغرفة النقابية للأزياء الراقية) إلى الشركة التي حققت نجاحا كبيرا حتى وفاة وورث في عام 1895. ولقد خلدت أعمال تشارلز وورث في معرض تشارلز وورث بمركز التراث في مسقط رأسه ببلدة بورن، لينكولنشاير، إنجلترا. (3-2) بول بواريه
بورتريه لبول بواريه عام 1913 تقريبا. الصورة بإذن من ويكيميديا كومنز.
كان مصمم الأزياء الفرنسي بول بواريه (1879-1944) ثاني أشهر مصمم أزياء في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. كان بواريه طموحا يبيع رسومات تصميماته الأولية إلى بيوت الأزياء في مختلف أنحاء باريس. وفي عام 1896، عينه مصمم الأزياء جاك دوسيه، وباعا 400 كاب أحمر مستوحى من أول تصميم لبواريه. وفيما بعد انضم إلى دار وورث للأزياء وصمم فساتين بسيطة وعملية دون أية بهرجة. غير أن أسلوبه العصري في تفصيل الملابس النسائية لم يلق قبولا كبيرا لدى زبائن وورث الذين يتسمون بالرصانة والتحفظ. في الواقع، صاحت أميرة روسيا باريانسكي قائلة: «يا للبشاعة!» ما إن وقعت عيناها للوهلة الأولى على سترة كيمونو من تصميم بواريه.
عارضة أزياء ترتدي فستانا من تصميم بول بواريه عام 1914. الصورة بإذن من مجموعة جورج جرانثام باين.
قرر بواريه أن يؤسس بيت الأزياء الخاص به في بداية القرن العشرين. وصنع لنفسه اسما من خلال سترة الكيمونو التي حملت اسمه؛ تلك السترة التي لاقت رفضا مبدئيا من جانب زبائنه السابقين، مؤكدا بذلك على ضرورة أن يؤمن مصمم الأزياء برؤيته وعلامته التجارية. ابتكر بواريه نوافذ عرض فاخرة وأقام حفلات أسطورية لتسويق أعماله؛ واشتهر بقدرته الفطرية على التسويق لنفسه والعلامة التجارية الخاصة به كما لم يفعل أي مصمم آخر في ذلك العصر. وتوسع بيت أزياء بواريه ليشمل تصميم الأثاث والديكور والعطور . وفي عام 1911 قدم خط عطور بارفيم دي روزين، الذي سمي على اسم ابنته، وصار أول مصمم يطلق خط عطور يحمل اسمه. ومن أجل كشف النقاب عن العطر، أقام حفلا تنكريا مهيبا في قصره الفخم، اقتصر حضوره على صفوة المجتمع الباريسي.
خلال الحرب العالمية الأولى، خدم بواريه في الجيش وانتهى به الحال بترك بيت الأزياء الخاص به من ورائه. وعندما عاد، كان عمله التجاري على وشك الإفلاس. وفي عام 1929، أغلق بيت أزياء بواريه رسميا، وانتهى به الحال رساما يجوب شوارع باريس وتوفي عام 1944 فقيرا معدما ولم يلق تقديرا على الطرق البارعة التي أثر بها في صناعة الموضة. وقد تكفلت صديقته إيلسا سكياباريلي بمصاريف جنازته؛ الأمر الذي أتاح له استعادة بعض التقدير الذي يستحقه.
Unknown page