============================================================
ومر الثاني عليه فنهاه عن الذهاب إلى الموضع الذي يريده، فوقف منتهرا له رادا عليه، فاغتنمها الضال بقدر ما يفوته يحبسه بالوقفة عليه.
ومر الثالث وهو يشي ماشيا أو راكبا، فعرض له بالنهي والتثبط، وقد علم ما لقي أصحابه من الحبس فمضى ولم يقف ولم يحدث معنى.
ومر الرابع وقد علم ما لقي أصحابه من الحبس، فلما أحس بصوته إن كان ماشيا سعى، وإن كان راكبا حرك راحلته بالسرعة ، ليغيظه وليدرك مايطلبه تاما ولا يكون كأصحابه الذين قبله.
فيوشك إن عادوا عليه، أن يعرض هم (1) ويدع هذا الرابع، لأنه اتخذ دعاء عبرة وزيادة في الخير بالسرعة إليه والاعراض عما دعا إليه العدو.
وكذلك القوي الكيس من المخلصين.
قلت : فكيف يكونون قبل الاعتراض بالدعاء؟ أمنتظرين (2) له بالحذر قبل أن يعرض، حتى إذا عرض عرفوه؟ أو يشتغلون عنه بالتوكل على الله عز وجل وبالطاعة، حتى يكون هو الذي يزجر عدوهم عنهم(3) قال : قد قال الناس في ذلك أقوالا كثيرة مختلفة، عامتها غلط إلا قولا واحدا .
فأحد ما قالوه: أن فرقة من البصريين قالت: إنما يحتاج إلى الحذر من ذلك الضعفا، فأما الأقوياء فقد انقطعوا إلى الله تعالى واشتغلوا بحبه (4) ، فليس للشيطان 1) لأنهم استحابوا على درجات متفاوتة والشيطان يرضى من العبد بأقل القليل من الغفلة عن الخير فتخذها ذريعة إلى الكثير. أنظر باب الشيطان من كتاب " أعمال القلوب والجوارح" للمحاسي .
(2) في أ: أم ينتظرون.
(3) هذا مذهب الشاذلية بوجه خاص، إذ يرون أن الذي حرك الشيطان على العبد هو الله وبالتجاء إليه سبحانه بصده عنه، ويحميه من نزغاته. وقد تبني هذا المذهب بوجه خاص مولانا العرفي الدرقاوي، شيخ الشاذلية الدرقاوية. انظر رأيه في رسائله .ا (4) في ط: لحبه.
Page 195