Raqsat Zilal Sacida

Rihab Salah Din d. 1450 AH
73

Raqsat Zilal Sacida

رقصة الظلال السعيدة

Genres

تكلمنا عن المدرسين، وكل الأمور في المدرسة. قالت إنها تود أن تكون مدرسة للتربية البدنية وإن ذلك يتطلب منها ارتياد الجامعة، لكن والديها لا يملكان ما يكفي من المال لذلك. وإنها تخطط لأن تعمل كي يتسنى لها الحصول على المال اللازم لمصاريف الجامعة، تريد أن تكون مستقلة على أية حال، وإنها ستعمل في الكافيتيريا وحين يحل الصيف ستعمل في أعمال زراعية، كأن تعمل في جني التبغ مثلا. شعرت وأنا أصغي إليها أن جزءا كبيرا من تعاستي ينقشع. ها هي فتاة أخرى تعاني ما أعانيه من هزيمة - أحسست هذا - لكنها مفعمة بالهمة والاعتزاز بالنفس. فقد فكرت في اللجوء لحلول أخرى، كجني التبغ.

ظللنا هناك نتحدث وندخن أثناء الاستراحة الموسيقية الطويلة بينما كان الباقون، بالخارج، يتناولون الفطائر المحلاة والقهوة. وحينما استؤنفت الموسيقى مجددا قالت ماري: «اسمعي، هل ينبغي أن نظل هنا لأطول من ذلك؟ دعينا نحضر معطفينا ونذهب. يمكننا أن نقصد مقهى «لي»، نتناول شراب الشوكولاتة الساخن ونتحدث على راحتنا، لم لا؟»

تحسسنا طريقنا عبر حجرة البواب، حاملتين الرماد وأعقاب السجائر في أيدينا. وفي الحجرة الصغيرة توقفنا وأرهفنا السمع لنتأكد من عدم وجود أي أحد في الحمام. عدنا إلى الضوء ورمينا بالرماد في المرحاض. كان علينا أن نخرج ونعبر حلبة الرقص نحو غرفة الملابس، التي كانت بجانب الباب الخارجي.

كانت إحدى الرقصات قد بدأت للتو، قالت ماري: «امشي حول حافة حلبة الرقص، لن يلحظنا أحد.» وتبعتها. لم أنظر إلى أي شخص، لم أبحث عن لوني. ثمة احتمال بأن لوني لن تكون صديقتي بعد الليلة، على الأقل ليس بقدر ما كانت صديقتي قبل الليلة. كانت من النوع الذي وصفته ماري بالمهووس بالفتيان. •••

وجدت أنني لست خائفة للغاية، بعد أن عقدت العزم على أن أغادر الحفل . لم أكن في انتظار أي فتى ليختارني. صارت لي خططي الخاصة. لم أكن مضطرة لأن أبتسم أو لأن آتي بحركات تجلب الحظ. لم يعد للأمر أهمية بالنسبة لي. كنت في طريقي لتناول شراب الشوكولاتة الساخن برفقة صديقتي.

حينئذ قال لي أحد الفتيان شيئا ما. كان يقف في طريقي. ظننت أنه يقول لي إنني أسقطت شيئا ما، أو إنني لا يمكنني المرور من هنا، أو إن غرفة الملابس مغلقة. لم أفهم أنه طلبني للرقص إلا بعد أن كررها ثانية. كان ذلك هو رايموند بولتينج من فصلنا، والذي لم يسبق لي قط أن تحدثت إليه في حياتي. اعتقد هو أنني قصدت الموافقة على دعوته، فوضع يده على خصري وبدأت أرقص وأنا لا أكاد أقصد ذلك.

تحركنا إلى منتصف الحلبة. كنت أرقص. نسيت ساقاي التعثر وودعت يداي التعرق. كنت أرقص مع فتى طلبني للرقص. لم يطلب منه أحد أن يفعل، لم يكن مضطرا، طلبني وحسب. هل هذا ممكن؟ هل لي أن أصدق؟ أما كان هناك أي أمر كريه يعيبني في نهاية المطاف؟

فكرت أن علي أن أخبره بأن ثمة خطأ ما، وأنني كنت منصرفة للتو لأتناول شراب الشوكولاتة الساخن برفقة صديقتي، لكنني لم أقل أي شيء. كان وجهي يتخذ تغيرات رقيقة معينة، لترتسم عليه دون أي مجهود على الإطلاق تلك النظرة التي لا تلقي بالا على وجوه من جرى اختيارهن، الفتيات اللائي رقصن. كان هذا هو وجهي الذي رأته ماري فورتشن، حينما نظرت إلي من باب حجرة الملابس، ووشاحها ملفوف بالفعل حول رأسها. لوحت لها بحركة خفيفة باليد الموضوعة على كتف الفتى، في إشارة إلى أنني أعتذر عن الخروج، وأنني لم أدر ما حدث، وأيضا، أن لا جدوى من انتظاري. ثم أشحت برأسي بعيدا، وحينما نظرت ثانية كانت قد ذهبت.

أوصلني رايموند بولتينج إلى المنزل وأوصل هارولد سايمونز لوني إلى منزلها. مشينا جميعا معا حتى ناصية منزل لوني. كان الفتيان في جدال بشأن مباراة هوكي، لم نستطع أنا ولوني أن نجاريه. بعد ذلك انفصلنا إلى زوجين وواصل رايموند معي الحديث الذي كان يخوضه مع هارولد. لم يبد عليه أنه لاحظ أنه صار يتحدث إلي لا إلى هارولد. قلت مرة أو اثنتين: «حسنا، لا أدري، لم أر المباراة.» لكن بعد وهلة قررت أن أكتفي بقول: «هممم هممم.» وبدا أن هذا هو كل ما يلزم فعله.

قال لي شيئا آخر: «لم أكن أظن أنك تسكنين بعيدا هكذا.» ونشق بصوت مسموع. كان البرد قد جعل أنفي يسيل أنا أيضا، فأخذت أجول بأصابعي خلال أغلفة الحلوى داخل جيب معطفي إلى أن عثرت على منديل ورقي بال. لم أدر إن كان ينبغي لي أن أعرضه عليه أم لا، لكنه كان ينشق بصوت عال إلى حد جعلني أقول له في نهاية المطاف: «ليس لدي سوى هذا المنديل الورقي، ربما لا يكون نظيفا حتى، قد يكون ملوثا بالحبر، لكن إذا مزقته شطرين يمكننا أن نتقاسمه.»

Unknown page