قالت: «الجو هنا لطيف ومنعش، دخلت هنا ليهدأ جسمي؛ فقد شعرت بحر شديد.»
كانت لا تزال تمشط شعرها حينما انتهيت من غسل يدي. فسألتني: «هل تعجبك الفرقة الموسيقية؟» «إنها على ما يرام.» لم أدر حقا ما ينبغي أن أقول. كنت مستغربة منها، فهي مع كونها فتاة كبرى، تستغرق هذا الوقت في التحدث إلي أنا. «أنا لا تعجبني الفرقة، لا أطيقها. أكره أن أرقص إذا لم تعجبني الفرقة. استمعي إليهم! موسيقاهم متداخلة للغاية وغير متناغمة. لا أحب الرقص على موسيقى كهذه.»
مشطت شعري، واستندت هي إلى أحد الأحواض، تراقبني. «لا أود أن أرقص ولا أود أن أظل هنا تحديدا. دعينا نخرج لندخن سيجارة.» «أين؟» «تعالي، سأريك.»
في نهاية الحمام كان ثمة باب. لم يكن مغلقا بمفتاح، وكان يؤدي إلى حجرة صغيرة مظلمة مليئة بالمماسح والدلاء. جعلتني أبقي الباب مفتوحا، كي يتسنى لنا رؤية ضوء الحمام، إلى أن عثرت على مقبض باب آخر. كان هذا الباب ينفتح على عتمة.
قالت: «لا يمكنني أن أضيء النور وإلا فسيرانا أحدهم. هذه غرفة البواب.» خطر لي أن الطلبة الرياضيين دائما ما يعرفون أكثر من بقية الطلبة عن المدرسة من حيث مبناها، كانوا على دراية بأماكن الاحتفاظ بالأشياء، وكانوا دائما يخرجون - في جرأة وشيء من الانشغال - من أبواب أماكن لا يسمح لأي طالب بالدخول إليها. قالت: «احترسي لموطئ قدمك. هناك في الطرف الآخر ثمة سلالم. إنها تصعد إلى حجرة صغيرة في الدور الثاني. الباب موصد من الأعلى، لكن يوجد ما يشبه الحجيرة بين السلالم والحجرة. ومن ثم، لن يتمكنوا من رؤيتنا إذا جلسنا فوق السلالم، حتى إذا حدث وجاء أحد إلى هنا.»
قلت: «هل سيشمون رائحة السجائر؟» «حسنا. عيشي الخطر.»
كانت ثمة نافذة عالية أعلى السلالم منحتنا بصيصا من الضوء. وكانت ماري فورتشن تحتفظ في حقيبة يدها بسجائر وثقاب. لم أكن قد دخنت من قبل إلا السجائر التي كنا أنا ولوني نلفها بأنفسنا، من الورق والتبغ المسروق من والدها، كانت تلك السجائر تتفكك عند منتصفها. أما هذه السجائر فأفضل كثيرا.
قالت ماري: «السبب الوحيد الذي جعلني آتي الليلة هو أنني مسئولة عن التزيين، فأردت أن أرى، أنت تعرفين، كيف سيبدو الأمر حالما يدخل الناس هناك وما إلى ذلك. عدا ذلك، ما الذي كان سيدفعني لأتجشم المجيء؟ لست مهووسة بالفتيان.»
على ضوء النافذة العالية استطعت أن أرى وجهها الساخر النحيل، وبشرتها السمراء المنقرة بحب الشباب، ومطبقة أسنانها الأمامية، على نحو يجعلها تبدو بالغة ومسيطرة. «معظم الفتيات مهووسات بالفتيان. ألم تلحظي ذلك؟ أضخم مجموعة يمكن أن تتخيليها من الفتيات المهووسات بالفتيان موجودة هنا في هذه المدرسة.»
كنت ممتنة لاهتمامها، ولصحبتها ولسجائرها. ووافقتها الرأي. «مثل ما حدث ظهيرة يومنا هذا . كنت أحاول ظهيرة اليوم أن أجعلهن يعلقن الأجراس وتلك الأشياء. كن يتسلقن السلم ويمزحن مع الفتيان. لم يكن يعنيهن الانتهاء من أمر التزيين ... فالتزيين مجرد ذريعة. كانت تلك غايتهن الوحيدة في الحياة، ممازحة الفتيان. في نظري، هن بلهاوات.»
Unknown page