همس فلستطيونس في أذنه: إن لم تفعل هلكت.
ولكنه سأل نفسه: ما هو الفعل؟
حاول أن يهدئ من روعها بكلمات أحس فيما بعد أن لا معنى لها، طوال الطريق إلى منزل الكواكيرو كانا صامتين، كلاهما ينظر للأرض، كان منكسرا لأنه انكسر، كانا منكسرين، قالت له فلوباندو: هل تذهب للبحيرة، سوف نستحم. كانت جريئة وعميقة وقوية وامرأة جدا، أهي مزحة ماكرة أخرى؟ - سنذهب أولا للكواكيرو ...
ثم سألها في سره: هل سترقصين؟ قال لها: سأرحل الليلة على كل حال، فلقد أعطاني تيم فرصة ساعات قلائل. قالت بصوت خفيض مشروخ: كلنا يعلم بذلك. - فقط لمنتصف الليل. - نعم. - أترى، ماذا يريد مني الكواكيرو؟ - لا أحد يعلم ما برأس الكواكيرو في هذه الأيام غير أنه محبط وبائس.
بدت القرية وهما يهبطان الجبل، تحتهما، قرية أخرى، فمنظر عربات الجيب الجميلة من انعكاس أشعة الغروب وحركة الأطفال السريعة المندهشة والطيور البيضاء الكبيرة التي تذهب بعيدا تعبر أفق الرؤية ما بينهما، الشمس تذهب للغروب والناس يتحركون ما بين هنا وهناك مسرعين، سيقضون حاجاتهم مستفيدين مما تبقى من ضوء الشمس، ويسمون هذا الوقت «بنجارو»، أي الزمن الذي من ذهب.
أين تكون سنيلا الآن؟ سنلتي الجميلة المتوحشة، سآخذها معي للشرق، حتما، حتما، يعود المحاربون على حمر الوحش من رحلات صيدهم البعيدة محملين بالكراواوا ودود القنطور ولحم الغزلان والطيور الكبيرة وقصص طازجة عن صراعهم مع فتيات «الكا» الجميلات والوحوش، وسيحكون تفاصيل رحلاتهم وهم يتناولون دنبا ما بعد مغيب الشمس، أطفال يقومون بتطبيع صغار حمر الوحش، صراخهم يأتي من بعيد ويمكن رؤيتهم أيضا هنالك في أطراف القرية وحولهم بعض الكبار يضحكون ويقدمون النصائح، تقف عربة جيب بيضاء تشع نورا بالقرب من شجرة كبيرة على ظهرها نساء كثيرات صغيرات جميلات يلبسن البابيت الملون، مروا أمام فلوباندو وسلطان تيه قبل أن تستقر بهم العربة الجميلة تحت شجرة الحبحب العملاقة، البنيات الصغيرات الجميلات عاريات الصدور، الناهدات الصدراوات وكأنهن حمائم الجبال البعيدة، كن منفعلات مندهشات وفي ما يشبه الصدمة، وكل واحدة منهن تحاول أن تتحدث مع السائق ذي الطلعة التي لا تشبه طلعة الصبيان الذين اعتدن عليهم، ذي رائحة ياسمينية لا كعبق دود الكراواوا الذي هو رائحة صبيان القرية.
وله، وله، وله، ليس ل ...
قالت فلوباندو لسلطان تيه: كل شيء سوف يتغير في القرية، نعم، وهذه هي سنة الحياة.
ولكن، كما يعرف، إن للصادق الكدراوي رأيا آخر، وإذا شاهد ما يشاهدون همس في أقرب أذن: إنها وليمة بشرية، وربما يؤكد ذلك قول فلوباندو: إن هؤلاء الصبية القادمين من بعيد مثل عصافير ودو، لا ترهقهم مضاجعة الفتيات أبدا، وإنهم أدخلوا أسلوبا جديدا لا يعرفه الدغل، وتندفع إليهم الصبيات ربما لإشباع حب الاستطلاع؛ أن يتحدثن للأخريات قائلات: إنه لحس شيئا بلسانه، إنه، إنه، إنه.
وعندما اقتربا من الجيب أكثر حيت فلوباندو الصبيات، ثم قالت لهن بلهجة «فترا» التي لا يعرفها القادمون جملة جعلتهن ينفقعن ضحكا، ما جعل فليب ابن أخت الكواكيرو ينظر يمنة ويسرة في حيرة مما يجري، ويبتسم بالخيبة: عزلة.
Unknown page