كاللبن وأما عندهما فلأن القليل مما لا يمكن التحرز عنه [يجعل] (١) عفوا، ثم الكثير عند محمد ما يغلب على الماء المطلق وعندهما (ق ١٥ / أ) أن يستبين موضع القطرة في الإناء. انتهى
وقد علمت أن الصحيح المفتي به رواية محمد عن أبي حنيفة -رحمهما الله تعالى-، وقال محمد في كتاب "الآثار" بعد رواية حديث عائشة (٢): "ولا بأس أن يغتسل الرجل مع المرأة بدأت قبله أو بدأ قبلها" إذا عرفت هذا لم يتأخر عن الحكم بصحة الوضوء في الفساقي الموضوعة في المدارس عند عدم غلبة الظن بغلبة الماء المستعمل أو وقوع نجاسة في الصغار منها، فإن قلت: إذا تكرر الاستعمال هل يمنع ويجمع؟ قلت: الظاهر اعتبار هذا المعنى في النجس، فكيف بالطاهر؟! قال في "المبتغى" (٣) قوم يتوضئون صفًا على شط نهر جار فكذا في الحوض؛ لأن ماء الحوض في [حكم] (٤) ماء جار. انتهى
وقد روى عن أبي شيبة عن الحسن في الجنب يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها. قال: يتوضأ إن شاء (٥). عن سعيد بن المسيب: لا بأس أن يغمس الجنب يده في الإناء قبل أن يغسلها (٦). وعن عائشة بنت سعد قالت: كان سعد يأمر الجارية فتناوله الطهور من الحيض (٧)، فتغمس يدها فيها، فيقال أنها حائض، فيقول أن حيضتها ليست في يدها (٨)، وعن عامر قال: كان أصحاب النبي ﷺ يدخلون أيديهم في الإناء وهم جنب والنساء وهنّ حيض لا يرون بذلك بأسا يعني قبل أن
_________
(١) زيادة من البدائع.
(٢) يشير إلى قولها ﵂: أن رسول الله ﷺ «كان يغتسل هو وبعض أزواجه من إناء واحد يتنازعان الغسل جميعا» والحديث مخرج في الصحيحين بنحوه.
(٣) هو المبتغى في فروع الفقه الحنفي لعيسى بن محمد بن إينانج القرشهري فقيه رومي من علماء الحنفية، وصف بأنه مختصر جم الفوائد. منه نسخ في حيدر آباد والأزهر ودار الكتب، أتمه سنة ٧٣٤ هـ.
(٤) زيادة من فتح القدير.
(٥) إسناده ضعيف - أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" مطولا بسند فيه هشام بن حسان، وفى روايته عن الحسن مقال لأنه قيل كان يرسل عنه.
(٦) إسناده ضعيف - رواه ابن أبي شيبة من طريق وكيع، عن سفيان، عن الجريري، عمن، سمع سعيد به، وفيه جهالة الراوي عن سعيد.
(٧) كذا بالأصل، والصواب: "الجرة" كما في المصنف.
(٨) إسناده صحيح - أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" بسند رواته ثقات.
1 / 52