متى بدأ كل شيء؟
هذا سؤال مهم، ولكي أجيبك عليه يجب أن ترجع معي عدة سنوات للوراء، مذ كنت طفلا صغيرا وأنا مولع بعادة غريبة، وهي تكديس الكتب ... لم أكن أسعد بشيء سوى اقتناء كتاب جديد، رائحة الكتاب الجديد، وملمس الورق المصقول، تصاميم الأغلفة، هذه أشياء كانت تثيرني حد الوله!
وخلال فترة وجيزة تراكمت مئات الكتب فى غرفتي، كتب من شتى المجالات، في الفلسفة والاقتصاد والرياضيات وعلم النفس والفيزياء والأدب والتاريخ والأدب، بعضها أفهمه وبعضها لا أفهمه، هل تعرف أنني قد قرأت «الأيام» لطه حسين، و«ثروة الأمم» لآدم سميث، و«هكذا تكلم زرادشت» لنيتشة، وكتب معقدة مماثلة، وأنا بعد طفل لم أتجاوز الثامنة من العمر! كنت أقرأ ما أستطيع استيعابه، وما لا أفهمه أخزنه من باب الاحتياط، لربما يفيدني في يوم ما!
بالتأكيد لم أكن أعرف أن هوايتي الوحيدة لها اسم لاتيني معقد مثل ببلومانيا
Bibliomania ، وهو اسم شاعري كما لو لاحظت، يصف اضطرابا نفسيا ينتمي إلى عائلة الوسواس القهري (
OCD ) المبجلة، داء العباقرة أو مرض المثقفين كما يطلق عليه.
لم أكن أعرف أنني «ببلوماني» بطبيعة الحال، وأن حبي للكتب شيء يستوجب زيارة الطبيب النفسي، كنت سعيدا وكان هذا ما يهمني.
مرت الأعوام وتزوجت زواجا تقليديا، لم أكن مولعا بالنساء بشكل خاص، ولم أعجب بفتاة أو أقع في الحب من قبل، لست مريضا أو منحرف الميول إذا ما تبادر شيء من هذا إلى ذهنك، أنا فقط أعشق كتبي وقراءاتي إلى الحد الذي لم يعد هناك مجال لإضافة شيء آخر.
هل رأيت زوجة «أينشتاين» من قبل؟ من الواضح أن الرجل لم يكن يفقه شيئا في النساء، وأكاد أجزم أنه لم يرفع رأسه عن كتبه عند زواجه بحيث ينتبه أنه يتزوج ابن خالته، لا أقارن نفسي ب«أينشتاين» بالطبع، لكنني أوضح لك فكرتي فقط!
في لحظة ما انتبهت والدتي أنني تجاوزت الأربعين ولما أتزوج بعد، فاقترحت علي ابنة عم خالة جدي، أو شيئا من هذا القبيل. - «بنت أصول ومتربية وست بيت شاطرة.»
Unknown page