وبالرغم من أن تأويل الإمام أبي العباس قد عيب عليه فيه؛ بحجة أنه بذلك يجعل للإمام الهادي قولا ثالثا(1)؛ فإني أرى أنه لا خلاف بين (الأحكام) و(المنتخب)؛ حيث أن الواجب على من كان حاله ذلك أن يقضي ما عليه من صيام من السنة السابقة بعد يوم العيد، ولا يجب عليه الإطعام، وهذا ظاهر جلي في (المنتخب)، وأما في ما ساقه في (الأحكام) من الإطعام فهو على سبيل الندب لا الوجوب، ويدل على ذلك ما ساقه الإمام في آخر كلامه عن الإطعام والقضاء؛ إذ قال: "وهذا أحسن ما أرى في ذلك وإن صام ولم يطعم أجزأه" (2)، فدل ذلك على الاستحباب لا على الوجوب، والله أعلم.
المطلب الثالث صيام المظاهر شهرين متتابعين
إذا وجب على المظاهر صوم شهرين متتابعين؛ فأفطر يوما منه؛ فهل يعيد الصيام من جديد، أم يبن على صيامه؟
كما جاء في (التحرير)؛ فهناك روايتين للإمام الهادي في هذا؛ فقال: "ومن أصحابنا من يعتبر في العلة التي يجوز عندها البناء أن يكون المكفر ذا سقم مأيوس من زواله، وكان الغالب من حاله أنه لا يتمكن من المواصلة، ويقول: إن منصوص يحيى في (الأحكام) يقتضي ذلك، وأن رواية (المنتخب) تقتضي أنه إن أفطر لأي عذر كان من سفر أو مرض، فإنه يجوز له البناء، فيجعل للمسألة روايتين" (3).
ومما سبق؛ فيلاحظ أن الامام أبي طالب ساق روايتين، وهما:
الرواية الأولى: عدم جواز بناء المظاهر في صيامه إذا أفطر يوما واحدا؛ ما لم تكن علته لا يرجى زوالها.
Page 69