وهذا الفارق بين (الأحكام) و(المنتخب) أتى عن الإمام المؤيد بالله أيضا؛ قال: "فأما ما ذكره من استقبال الفريضة بعد العشرين ومائة فهو منصوص عليه في (المنتخب)، وقال في (الأحكام): فإذا كثرت الإبل ففي كل خمسين حقة"(1).
ومثله أيضا الإمام ابن حمزة؛ فكتب: "ولكن الخلاف فيما زاد على مائة وعشرين فإن الفرض يتغير بالزيادة، وبأي شيء يكون تغير الفرض؟ فيه مذاهب خمسة: المذهب الأول: أن تغير الفرض يكون باستئناف الفريضة... وهو الذي نص عليه الهادي في (المنتخب)... المذهب الثاني: أن الإبل إذا بلغت عشرين ومائة وزادت على هذه العدة، ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون، وهذا هو رأي الناصر ونص عليه الهادي في (الأحكام)"(2).
وفي (البحر)؛ تجد أيضا هذا التباين؛ وفيه: "(ه): ويستأنف بعد المائة والعشرين.... (الأحكام): بل بعد ذلك في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة"(3).
وقد أول الإمام أبو العباس هذا الفرق بين الروايتين؛ بأن معنى ما في (الأحكام) هو نفس ما في (المنتخب) باعتبار أن في استئناف الفريضة يجعل في الخمسين من الإبل حقة، ولا يمنع وجوبها في الخمسين وجوبها فيما دونها، وهكذا في الأربعين من الإبل، وهذا التأويل فيه بعد كما قال الإمام أبو طالب؛ ولكن أراه وأؤيده جمعا بين الروايات القائلة بالاستئناف والروايات القائلة بالخمسين والأربعين كما أيد ذلك الإمام المؤيد بالله؛ كون أن استحقاق ابن لبون يكون إذا بلغت الإبل ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين، والأربعين داخلة وهكذا في الحقة، والله أعلم(4).
Page 62