وكذلك حال الإمامين ابن المرتضى وابن حمزة؛ فلم يذكرا إلا رأيا واحدا للإمام الهادي؛ والمتضمن منع رفع اليدين؛ فجاء في (البحر): "وقد مر حكم رفع اليدين عند الافتتاح، ومنعه (ه ح ك ف) عند سائر التكبيرات"(1)، وجاء في (الانتصار): "وهل يرفع يديه في التكبيرة الأولى أم لا؟ فيه قولان: القول الأول: أنه يستحب الرفع في التكبيرة الأولى إلى المنكبين أو إلى شحمة الأذنين. وهذا هو رأي الناصر والقاسم والمؤيد بالله، ومحكي عن الفقهاء أبي حنيفة وأصحابه، والشافعي وأصحابه، ومالك... القول الثاني: أنه لا يستحب رفع اليدين. وهذا هو رأي الهادي"(2).
وبالوقوف على ما نقله الأئمة آنفا؛ فمنهم من مر مرور الكرام بلا ذكر لهذا الحكم أصلا، ومنهم من نقل حكم جواز رفع اليدين فقط، وآخر جاء بحكم المنع فقط، ويمكن تبرير كل ذلك بأن هذه المسألة متصلة بحكم في كتاب (الصلاة)، في باب رفع اليدين عند تكبيرة الافتتاح؛ فكلا من الهارونيين نقلا حكم المنع من الرفع، واكتفيا بهذا عند تكراره في محل رفع اليدين في الجنازة؛ فتكلم صاحب (التحرير) وقال: "ولا يرفع المصلي يديه في شيء من التكبيرات لا عند التحريم ولا عند غيره ولا عند القنوت"(3)، ومثله (شرح التحرير)؛ فقال: "ولا يرفع المصلي يديه في شيء من التكبيرات؛ لا الأولى ولا في غيرها، ولا في القنوت، نص في (الأحكام) على أن المصلي لا يرفع يديه في شيء من التكبيرات"(4).
Page 55