وفي اعتقادي أن القول بالعمامة مذهب قديم؛ لأنه كتب في المدينة؛ فقد ابتدأ الإمام الهادي بتأليف كتاب (الأحكام) بالمدينة، ولما انتهى إلى باب البيوع؛ اتفق خروجه إلى اليمن، واشتغاله بالحروب فكان يملي بعد البيوع على كاتب له كلما تفرغ من الحرب(1)، وأما القول بالإزار فهو قول جديد؛ لأنه كتب بعد ذلك، وهذا الرجوع في الحكم من استخدام العمامة إلى استخدام الإزار في الخمسة الأثواب؛ إنما كان من أجل الحفاظ على جثة الميت وسترا له كما فسر الإمام المؤيد بالله (2)، وهو ما أرجحه.
المطلب الثاني انعدام الكفن والشجر
من توفي، ولم يوجد له كفن يكفن به ولم يوجد شجر يوارى به. فكيف يصنع به عند الإمام الهادي؟
نقل الإمام ابن حمزة أن هناك قولان للإمام الهادي فيما يخص ما يصنع بالميت في حالة إنعدام الكفن والشجر؛ فقال: "فإن لم يوجد للميت كفن يكفن به ويوارى، فإنه يلقى عليه شجر يغطي عورته، فإن لم يوجد شجر يوارى به من الأشجار فكيف يصنع به؟ فيه مذهبان: المذهب الأول: أنه يلقى في لحده مثل حالته مع الكفن على جنبه الأيمن مستقبلا للقبلة. وهذا هو الذي ذكره الهادي في (الأحكام)... المذهب الثاني: يوضع في لحده إذا كان عاريا عن الكفن مكبوبا على وجهه في لحده. وهذا هو المحكي عن ابن عباس والمذكور في (المنتخب)"(3).
وعلى ما جاء في (الانتصار) ففي هذه المسألة قولان للإمام الهادي كالآتي:
القول الأول: يدفن العاري مستقبلا القبلة على جنبه الأيمن كالكاسي.
القول الآخر: يدفن العاري مكبوبا على وجهه.
وبالبحث عن أصل هذا الحكم في (الأحكام) و(المنتخب)؛ فإني لم أجد مثل هذا؛ بل ما وجدته كان كالآتي:
Page 49