ولعل سبب رجوع الإمام في تقديم الأب على الخالة بعد الجدات لأم، وجعل الخالة مقدمة عليه بعدهن يرجع لما روي أن أمير المؤمنين الإمام علي وجعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة لما اختصموا في ابنة حمزة؛ فقال علي :«عندي ابنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهي أحق بها»، وقال جعفر:«عندي خالتها، وهي أحق بها»؛ فقضى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن تكون مع جعفر عند خالتها (5) ؛ فلما جعلها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أما، وثبت أن الأم أولى من الأب؛ قال الإمام الهادي أن الخالة أولى من الأب(1)، وهو ما أرجحه لمفهوم النص، والله أعلم.
المطلب الثاني النفقة على الأقارب الموسرين
إذا أعسر القريب، ولو أقارب يرثون منه؛ فكيف تكون النفقة عليهم عند الإمام الهادي؟
جاء في (البحر) نقل صاحبه لروايتين للإمام الهادي فيما يخص مقدار نفقة الموسر لقريبه المعسر؛ فقال: "فإن تعدد الموسرون فحسب الإرث (الأحكام) فإن أعسر أحدهم؛ فكلها على الموسر كلو انفرد (خب) بل حصته فقط كلو أيسروا جميعا"(2).
وجدت في كتاب (التحرير) ما نصه: "في رواية (المنتخب) ما يقتضي؛ أنها تلزم الموسر على قدر حصته من الإرث، فإنه ذكر فيه أن المعسر إذا كان له ابن معسر وجد موسر، فعلى الجد سدس النفقة، وباقي النفقة على الله رزقه"(3).
وبالتالي؛ فحسب ما ذكرناه آنفا؛ فللإمام الهادي قولين، وهما:
القول الأول: تكون نفقة الوارث الموسر لقريبه المعسر؛ على قدر ميراثه منه؛ حتى لو كان هو الوحيد الموسر من ورثته، وهذا هو اخيار المذهب(4).
القول الآخر: تكون نفقة الوارث الموسر لقريبه المعسر؛ فيما إذا تعدد الوارثون، وكانوا معسرين؛ أن النفقة تلزمه كاملة.
Page 146