Qawacid Nuraniyya
القواعد النورانية الفقهية
Investigator
د أحمد بن محمد الخليل
Publisher
دار ابن الجوزي
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٢هـ
الغرة وَغَيْرِهِمْ، فَقَالَ مَرَّةً: «تَوَضَّؤُوا مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ وَلَا تَوَضَّؤُوا مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ، وَصَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَلَا تُصَلُّوا فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ»، فَمَنْ تَوَضَّأَ مِنْ لُحُومِهَا انْدَفَعَ عَنْهُ مَا يُصِيبُ الْمُدْمِنِينَ لِأَكْلِهَا مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ - كَالْأَعْرَابِ - مِنَ الْحِقْدِ وَقَسْوَةِ الْقَلْبِ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ ﷺ بِقَوْلِهِ الْمُخَرَّجِ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ: «إِنَّ الْغِلْظَةَ وَقَسْوَةَ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ أَصْحَابِ الْإِبِلِ، وَإِنَّ السَّكِينَةَ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ» .
وَاخْتُلِفَ عَنْ أحمد: هَلْ يُتَوَضَّأُ مِنْ سَائِرِ اللُّحُومِ الْمُحَرَّمَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ مُخْتَصٌّ بِهَا، أَوْ أَنَّ الْمُحَرَّمَ أَوْلَى بِالتَّوَضُّؤِ مِنْهُ مِنَ الْمُبَاحِ الَّذِي فِيهِ نَوْعُ مَضَرَّةٍ.
وَسَائِرُ الْمُصَنِّفِينَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَافَقُوا أحمد عَلَى هَذَا الْأَصْلِ، وَعَلِمُوا أَنَّ مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ هَذَا مَنْسُوخٌ بِتَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ فَقَدْ أَبْعَدَ؛ لِأَنَّهُ فَرَّقَ فِي الْحَدِيثِ بَيْنَ اللَّحْمَيْنِ، لِيُتَبَيَّنَ أَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ الْفَارِقَةُ بَيْنَهُمَا لَا الْجَامِعُ.
وَكَذَلِكَ قَالُوا بِمَا اقْتَضَاهُ الْحَدِيثُ: مِنْ أَنَّهُ يُتَوَضَّأُ مِنْهُ نَيِّئًا وَمَطْبُوخًا؛ وَلِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ بَعْدَ النَّسْخِ، وَلِهَذَا «قَالَ فِي لَحْمِ الْغَنَمِ: وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَتَوَضَّأْ»؛ وَلِأَنَّ النَّسْخَ لَمْ يَثْبُتْ إِلَّا بِالتَّرْكِ مِنْ لَحْمِ غَنَمٍ، فَلَا عُمُومَ لَهُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ جابر: " «كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ
1 / 28