دخل نسف آتيا من بلخ سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة وسكن نسف في سكة حرب، وعلم الناس الفرائض والحساب والفقه، واختلف إليه علماء الفريقين. واعتنى بشأنه والإنفاق عليه أحمد بن محسن .
وقد كان قنع بأدنى العيش من الدنيا. لم يكن له زوجة ولا خادم، وكانت له هرة سماها المليحة وكان يستأنس بها. وكان أصدقاؤه إذا أهدوا إليه طعاما قالوا: هذا للمليحة، فكان يقول: ولصاحبها منه نصيب؟ فإن قالوا: نعم. تناول منه.
مات سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، ودفن برأس القنطرة في مقبرة أحمد بن محسن الذي كان تعهده في حياته، فلما مات اشترى له أحمد بن محسن ذلك الموضع ودفنه فيه، وأوصى أن يدفن إذا مات بجنب قبره. ومات أحمد بن محسن ببخارى وحمل إلى نسف ودفن يوم الجمعة لأربع بقين من رجب سنة اثنتين وستين وثلاثمائة.
قال: أخبرنا القاسمي قال: أخبرنا المستغفري قال: أخبرنا أبو بكر بن أحمد بن عبد العزيز النسفي قال: حدثنا الشيخ أبو علي أحمد بن إبراهيم السيرواني قال: حدثنا أبو سعيد خلف بن الفضل بن يحيى العبدي قال: حدثنا أبو عبد الله السرخسي قال: حدثنا أحمد بن مصعب المروزي قال: حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان الضبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق القرشي قال: سمعت النعمان بن سعد يقول: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم بارك لأمتي في بكورها». ثم أنشأ علي رضي الله عنه وهو يقول:
إصبر على مضض الإدلاج والسهر ... وبالغدو على الحاجات والبكر
لا تضجرن ولا يحزنك مطلبه ... فالصبر يتلف بين العجز والضجر
إني رأيت وفي الأيام تجربة ... للصبر عاقبة محمودة الأثر
وقل من جد في شيء يطالبه ... فاستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
95 - أبو نصر أحمد بن محتاج بن صديق بن روح بن سورة النسفي
Page 83