من المدعى كما لا يخفى عدم كونها في مقام بيان الحاكم وانه من أي صنف من الأصناف بل غاية ما دلت عليه هو انه لا بد من الحكم والفصل بالبينة والايمان وأما الحاكم من أي صنف من الأصناف فتلك الأدلة غير ناظرة إلى بيانه ومهملة بالنسبة إليه فلا إطلاق لها من تلك الجهة حتى يتمسك بها (به خ) وقد يتمسك أيضا بأدلة وجوب العمل بالبينة كقوله (عليه السلام) لابنه إسماعيل إذا شهد عندك المسلمون فصدقهم إلى غير ذلك فإنها بعمومها شاملة للمقلد أيضا وفيه أن تلك الأدلة وإن تشمل المقلد أيضا إلا أنها في مقام التمسك بالبينة في عمل نفس الشخص واما إلزام الغير بمقتضاها كما هو محل الكلام فلا دلالة فيها على ذلك أصلا كما لا يخفى فلم يبق في المقام ما ينفعنا إلا الأمر الثالث وهو ادعاء شمول الاذن الواصل من أئمة الأنام لمثل هذا العوام فبالحري أن نذكر جملة من الاخبار الموهمة (المتوهمة خ) دلالتها على الاذن للمقلد حتى يتضح لك الحال ويرتفع الغبار.
فنقول منها قول الصادق (عليه السلام) في خبر أبي خديجة إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم (قاضيا خ) فاني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه.
ومنها مقبولة عمر بن حنظلة قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة أيحل ذلك فقال (عليه السلام) من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت وما يحكم له فإنما يأخذه سحتا وإن كان حقه ثابتا (حقا ثابتا له خ) لأنه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله تعالى أن يكفر به قلت فكيف يصنعان قال ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حاكما فإني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما استخف بحكم الله وعلينا رد والراد علينا الراد على الله وهو على حد الشرك بالله الخبر ومنها ما رواه الحلبي قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ربما كان بين الرجلين من أصحابنا المنازعة في الشئ فيتراضيان برجل منا فقال ليس هو ذاك إنما هو الذي يجبر الناس على حكمه بالسيف والسوط الخبر إلى غير ذلك ثم إن جل المستدلين بالروايات إنما استدلوا برواية أبي خديجة وبعضهم تمسك برواية الحلبي أيضا ولكن لم أر أحدا تمسك بمقبولة عمر بن حنظلة إلا الفاضل القمي رحمه الله والحق عدم إمكان التمسك بها بل هي من وجوه الرد عليهم كما سنشير إليه وكيف كان وجه الاستدلال انه أمر في رواية أبي خديجة بالتحاكم إلى من علم شيئا من قضاياهم ومن المعلوم إن المراد من العلم ليس هو خصوص الاعتقاد الجازم الثابت المطابق للواقع وإلا لزم عدم جواز التحاكم إلى المجتهد أيضا لكون أكثر أحكامه ظنية نظرا إلى ظنية مباديها ومداركها فلا بد أن يكون المراد منه هو الاعتقاد الأعم من الجازم وما ثبت اعتباره بالدليل وإن لم يكن جازما وهذا نظير ما ذكروه في تعريف الفقه بأنه العلم بالأحكام الشرعية الخ من أن المراد منه الاعتقاد الأعم من العلم والظن ومعلوم ان هذه القضية صادقة في حق المقلد فإنه بعدما قلد مجتهده في كون عشر رضعات محرما وحصل له الظن بالتحريم يكون هذا الاعتقاد معتبرا في حقه فيجب على الغير التحاكم إليه بمقتضى الرواية وكذا قوله في رواية الحلبي فيتراضيان برجل منا غاية الأمر خروج من لم يعرف الاحكام أصلا لا باجتهاده ولا بالتقليد منه بقيام الاجماع على اشتراط المعرفة في الجملة فبقي المجتهد والمقلد داخلين فيه هذا غاية ما يمكن أن يوجه به الروايتان للدلالة على المقصود لكن الحق عدم دلالتهما على ذلك أما أولا فلان إطلاقهما وارد في مورد حكم آخر أي في مقام عدم جواز التحاكم إلى الطاغوت كما هو صريح الثانية بل الأولى أيضا فالمقصود منهما انه لا بد من المرافعة من أن يرجع إلى الشيعة دون الطاغوت واما ان المرجع من الشيعة هو كل من يعرف الحكم أو خصوص المجتهد
Page 7