22
وهكذا فقد ساوت تلك الآية في التحريم من الرضاعة، بين الكبير والصغير، على أنها حددت بعدد معلوم من الرضعات. وممن أخذ بإصرار السيدة عائشة أبو موسى الأشعري والليث بن سعد.
23
وهو ما إن أخذناه على ظاهره، لأدرج ضمن «ما نسخ تلاوته وبقي حكمه»، أما لو نظرنا إلى ما حدث في الواقع، فيفسره قول السيدة عائشة، رضي الله عنها: «فأكلتها ربيبة كانت لنا.» أما لو ذهبنا إلى ترك حديثها، مع تصنيف الآية ضمن (ما نسخ حكمه وتلاوته) لبقيت أسئلة حيرى: هل تم ذلك النسخ قبل أن تأكلها الشاة؟ أم بعد أن أكلتها؟ أم أنها احتسبت منسوخة لأنها لم تكن في صحف القرآن المجموع لأن الشاة أكلتها؟
هذا من جهة، ومن جهة أخرى نجد ظرف الواقع يجعل تلك الآية مستمرة في العمل بحكمها، رغم ما لحق بها من ظروف أدت لعدم وجودها بالمصحف المجموع، فقد كانت هناك إشكاليات تحتاج إلى حل تشريعي. وهو ما جاء نموذجا في قول السيدة عائشة، رضي الله عنها: «جاءت سهلة ابنة سهيل إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم
فقالت: إني أجد في وجه أبي حذيفة (زوجها، أي تجده مستاء) إذا دخل علي سالم، قال النبي
صلى الله عليه وسلم : فأرضعيه، قالت: وكيف أرضعه وهو رجل كبير؟ قال: ألست أعلم أنه رجل كبير؟ ثم جاءت بعد ثم قالت: والله يا رسول الله ما عدت أرى في وجه أبي حذيفة بعد شيئا أكرهه.» رواه مسلم وأبو داود.
24
وعليه فقد عملت السيدة عائشة بذات السبيل، فقال عروة: «إن عائشة كانت تأمر أختها أم كلثوم، وبنات أخيها، أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال.» رواه مالك. ويقول د. شعبان محمد إسماعيل: «وحجتهم حديث سهلة هذا، وهو حديث صحيح لا شك في صحته، ويدل عليه أيضا قوله تعالى:
Unknown page