Nihayat Zayn
نهاية الزين
Publisher
دار الفكر - بيروت
Edition Number
الأولى
لا ينقض باجتهاد آخر حتى لو صلى أربع ركعات لأربع جهات بأربع اجتهادات صح
فإن كان الاجتهاد الثاني مساويا للاجتهاد الأول تخير بينهما إن لم يكن في صلاة فإن كان فيها تعين عليه العمل بالاجتهاد الأول ولا يجوز له العمل بالاجتهاد الثاني لأنه التزم بدخوله في الصلاة جهة فلا يتحول عنها إلا إلى أرجح منها ومتى ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على محراب وأقره كان في مرتبة العلم بالنفس فلا تجوز مخالفته ولا الاجتهاد فيه لا جهة ولا يمنة ولا يسرة
وأما محاريب المسلمين الموثوق بها فهي في مرتبة إخبار الثقة عن علم ولا يجوز الاجتهاد فيها جهة لاستحالة الخطأ في الجهة
ويجوز الاجتهاد فيها يمنة أو يسرة
والمحراب اصطلاحا مقام الإمام في الصلاة وأما المحراب المعتاد الآن وهو التجويف الذي يكون في الأمكنة التي بنيت للصلاة فيها في جهة القبلة فلم يكن موجودا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا في زمن أصحابه بل هو حادث بعدهم ولكن لا بأس به والأعمى ومن في ظلمة يعتمد المحراب بالمس أو نحوه كما يعتمده البصير الذي ليس في ظلمة بالمشاهدة
ومتى انفرد إنسان في ناحية وجب عليه تعلم أدلة القبلة على سبيل فرض العين وإذا وجد غيره معه كان التعلم فرض كفاية ولا فرق في ذلك بين السفر والحضر
وأدلتها كثيرة منها ما هو ليلي كالقمر ومنها ما هو نهاري كالشمس ومنها ما هو أرضي كالجبال ومنها ما هو هوائي كالرياح ومنها ما هو سماوي كالنجوم
ومن جملة النجوم القطب المعروف وهو بين الفرقدين وبنات نعش الصغرى لكن متى عرفه يقينا وعرف كيفية الاستقبال به في القطر الذي هو فيه كان في مرتبة العلم بالنفس وإلا كان من أدلة الاجتهاد كباقي النجوم (إلا في شدة خوف) في قتال جائز فيصلي كيف أمكنه
نعم إن أمن في أثناء الصلاة امتنع عليه ترك الاستقبال حتى لو كان راكبا اشترط أن لا يستدبرها في حال نزوله فإن استدبرها حينئذ بطلت صلاته باتفاق ومثل شدة الخوف في ذلك دفع الصائل والفرار من سبع أو نار أو عدو أو سيل أو نحو ذلك مما يباح الفرار منه لكن إن أمن في أثنائها وجب عليه الاستقبال ولا يعود إلى مكانه الأول بل يتمها في المكان الذي انتهى سيره إليه
ومثل ذلك من خطف متاعه أو شردت دابته وهو في الصلاة فله السعي خلف ذلك لتحصيله وكما يباح لهؤلاء ترك الاستقبال يغتفر لهم الأفعال الكثيرة إذا اقتصروا على قدر الحاجة
(ونفل سفر مباح) ولو راتبة وعيدا وفي معناه سجدتا التلاوة والشكر المفعولتان خارج الصلاة فيتوجه إلى جهة مقصده لصيرورتها بدلا عن القبلة ويحرم إنحرافه عنها إلا إلى القبلة وذلك مشروط بأمور تسعة أحدها أن يكون ذلك فيما يسمى سفرا ولو قصيرا
ثانيها أن يكون السفر مباحا
ثالثها أن يقصد قطع المسافة المسمى قطعها سفرا
رابعها ترك الأفعال الفاحشة كركض وعدو بلا حاجة
خامسها دوام السفر فلو صار مقيما في أثناء السفر لزمه الاستقبال إن استمر فيها وإلا فقطع النفل جائز
سادسها دوام السير فلو انقطع سيره لم يجز له ترك الاستقبال حتى لو وقف لاستراحة أو لانتظار رفقة لزمه الاستقبال ما دام واقفا فإن سار لأجل سير القافلة أتمها
Page 53