كسب العبد لأنه ليس بفعل ولا تكليف إلا بفعل فالتكليف به التكليف بأسبابه كإلقاء الذهن وصرف النظر وتوجيه الحواس والاستسلام بالقلب له فتسمية التصديق الذي هو الاعتقاد فعلًا بهذا الاعتبار لكنه مجاز وإن وقع في كثير من العبارات.
وأما خطاب الوضع فليس من الحكم المتعارف فلا يذكر في تعريفه. ومنهم من جعله منه فقال: خطاب الله المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع. والمراد بالتعلق الوضعي أعم من أن يجعل فعل المكلف سببًا أو شرطًا لشيء كجعل إتلافه سببًا للضمان أو يجعل شيء سببًا أو شرطًا له كالزوال فإنه سبب لوجوب فعل الظهر. قاله التفتازاني وغيره.
وقد يرد هنا ما أورده ابن أبي شريف بقوله: قلنا: بتقدير تسليم ذلك في الزوال لا يتمشى في فعل غير المكلف كإتلاف الصبي والمجنون في كونه سببًا لوجوب الضمان وإن كان الصبي مكلف عندنا لكن بغير الوجوب والتحريم.
فخرج بفعل المكلف كلامه المتعلق بذاته وصفاته وذوات العالم وأفعاله وصفاتهم كمدلول «الله لا إلاه إلا هو خالق كل شيء» «ولقد خلقناكم» «ويوم نسير الجبال» وخرج بما بعده مدلول «وما تعملون» من قوله تعالى «والله خلقكم وما تعلمون» فإنه متعلق بفعل المكلف من حيث إنه مخلوق لله تعالى بناء على أن ما مصدرية. وعلى تقدير إنها موصولة أي الذي تعلمونه فقد خرج بما قبله.
تنبيه: قولهم من حيث كذا يراد به الإطلاق وعدم التقييد، كقولهم: الإنسان من حيث هو إنسان قابل للتعليم. وقد يراد التعليل والتقييد كقولهم: النار من حيث هي حارة تسخن. وقوله من حيث أنه مكلف يحتمل كلا من الأخيرين.
قد كلف الصبي على الذي اعتمى ... بغير ما وجب والمحرم
يعني: أن الصبي مكلف عندنا على ما صححه ابن رشد في البيان والمقدمات، وكذا القرافي في كتاب اليواقيت في أحكام المواقيت، وأن
1 / 24