بين جزع وصبر إلا وجد بينهما منهجين بعيدي التفاوت في حاليتهما أما الصبر فحسن العلانية محمود العاقبة وأما الجزع فغير معرض شيئا مع إثمه ولو كانا في صورة رجلين لكان الصبر أولاهما بالغلبة ويحسن الصورة وكرم الطبيعة في عاجل الدين وآجله في الثواب وكفى بما وعد الله عز وجل لمن ألهمه إياه وعن جويرة بنت أسماء أن ثلاثة إخوة شهدوا بششتر واستشهدوا وبلغ ذلك أمهم فقالت مقبلين أم مدبرين فقيل لها بل مقبلين فقالت الحمد لله نالوا والله الفوز وأحاطوا الذمار بنفسي هم وأبي وأمي وما تأوهت ولا دمعت لها عين وعن أبي قدامة الشامي قال كنت أميرا على جيش في بعض الغزوات فدخلت بعض البلدان ودعوت الناس الغزاة ورغبتهم في الجهاد وذكرت فضل الشهادة وما لأهلها ثم تفرق الناس وركبت فرسي وسرت إلى منزلي فإذا أنا بامرأة من أحسن الناس وجها تنادي يا أبا قدامة فمضيت ولم أجب فقالت ما هكذا كان الصالحون فوقفت فجاءت ودفعت إلى رقعة وخرقة مشدودة وانصرفت باكية فنظرت في الرقعة وإذا فيها مكتوب أنت دعوتنا إلى
Page 74