مضى الكشافة الصغير نحو المنزل، لكن بعد بضع ياردات فقط أمسك عن الحركة، ثم التفت الصغير. وقال: «هلم! يا للحماقة! لقد نسينا الفرن! فأشياء هايلاند ماري وماري الصغيرة وسائر الأوراق المهمة غارقة وسط الرماد وقد يكون مشتعلا تحتها قبس من النار! عليك أن تحضرها سريعا، وعلي أن أفتح عليك الخرطوم أثناء ذلك! أيا كان الشيء الذي أرادت بشدة أن تحرقه، فهو بالضبط ما يجب أن يكون بحوزتنا لإثبات أننا نستحق ما أعطانا إياه. ولا يمكننا أن نخبر قاضي الوصايا ليصدقنا بذلك من دون الأوراق التي في الفرن، ولا يبدو أنك رابط الجأش بما يكفي لمعالجة أمر الفرن الآن من دون التعرض لخليط من النحل الألماني الأسود والإيطالي والألماني، يهجم دون مقدمات!»
فقال جيمي: «اذهب أنت في سبيلك. فسوف أرتدي الملابس الخاصة بالنحل. وربما أرتدي فوقها معطف المطر، ومن المحتمل أن أضع قناع النحل بما أن الحال مضطربة، لكن لا تقلق، فسوف أصل إلى الفرن وأخرج كل ما فيه. ولن أتوقف لأسكن النحل حتى يصبح كل شيء على طاولة المطبخ موزعا عليها ليجف.»
أسرع جيمي إلى الرواق الخلفي ليعد نفسه، وبينما كان يدور حول زاوية المنزل، جاء جون كاري مرتقيا السلم الخلفي مخلفا رمادا في أثره، حيث وضع الفرن في الرواق الخلفي. «رأيت أنه من الأفضل أن أحضره ونترك الأشياء لتجف تماما. لم أرد أن نخرج أيا من الأشياء مخافة فقدان شيء أو ضياعه. وأريدك أنت أن تفعل ذلك بنفسك.»
فدخل جيمي إلى حجرة المعيشة وهتف قائلا: «لقد أحضر جون كاري الفرن من أجلنا. إن لديه مناعة من النحل بحق!» «إنني على يقين من ذلك»، جاء صوت الكشافة الصغير، لكنه بدا مكتوما كأنه صدر منه وكأنه قد دس رأسه في الوسادة.
جمع الرجلان بعض المناشف الناعمة وجعلا يعملان حثيثا، فجففا الوثائق والدفاتر المصرفية والأوراق المهمة والخطابات والصور التي عثرا عليها، ووضعاها على طاولة المطبخ. ثم أسرعا إلى السقيفة لإعداد قفائر جديدة للنحل الذي غادر قفائره. وحين وصلا إليه، كان نحل السربين اللذين قد خرجا رابضا على فروع الأشجار حول ملكاته ولا يحتاج إلا إلى القليل من الدخان ليفقده الحس حتى يسهل تنظيم عملية انتقاله. أما النحل الألماني الأسود، فهو ما زال هائجا، لكنه ربض بعيدا، بينما جعلت الشمس الحارة تجفف محيط قفائره سريعا ، وقد توقف ضجيج الخرطوم، وزالت الرائحة التي نفر منها، فأخذت ثائرته تهدأ بالوتيرة المتوقعة من نحل عصبي المزاج.
وأثناء عملهما، راح الرجلان يتبادلان الحديث؛ أحاديث لاهثة، عبارات دهشة في أغلبها. فكان مما يسمعه المنصت لحديثهما، كلام في فحواه مثل: «يا للعجب! لقد أخضعها ذلك الكشافة الصغير وحده وجعلها تعترف! إنني لأدفع خمسين دولارا لأرى المشهد بأكمله!»
كان هذا كلام جون كاري.
فقال جيمي: «إنه يستحق أكثر من ذلك.» «لقد تجنبت غالبا دعوى قضائية كانت ستستمر شهورا وتكلفك أموالا طائلة وتثير الكثير من الدعاية السيئة.» «بعد أن نجهز هذا النحل سأذهب إلى منزل مارجريت كاميرون وأرتب كل شيء هناك وأستعيد أغراضي. فقد كنت أنوي البقاء هناك إلى حين عودة مارجريت.» «كان من الحماقة أساسا أن تسمح لتلك الشخصية بدخول المنزل، ثم تغادره تاركا لها الأشياء!»
ابتسم جيمي، ابتسامة اسكتلندية بطيئة.
ثم قال: «لتعلم أننا لا نعرف من أمور أنفسنا في هذا العالم شيئا. فقد كنت أظن أنني لم أستحق هذه الأرض، وأنها ليست من حقي، وأنها من حق شخص تربطه به صلة دم؛ لم أظن أنني متعلق بها، لكنني حين خرجت منها وشرعت في محاولة التنازل عنها وجدت أن خسارتها تكاد تقتلني. صدقني؛ إنني لن أتنازل عنها بعد الآن لأي أحد، وهذا قرار نهائي!»
Unknown page