والحروف تدخل على الأَفعال فتنقلها نَحْو قَوْلك ذهب وَمضى فتخبر عمّا سلف فإِن اتَّصلت هَذِه الْأَفْعَال بحروف الْجَزَاء نقلتها إِلى مَا لم يَقع نَحْو إِن جئتني أَكرمتك وإِن أَكرمتني أَعطيتك فإِنَّما مَعْنَاهُ إِن تكرمني أُعطك وَمن هَذِه الْحُرُوف (لَنْ) وإِنَّما تقع على الأَفعال نَافِيَة لِقَوْلِك سيفعل لأَنَّك إِذا قلت هُوَ يفعل جَازَ أَن تخبر بِهِ عَن فِعْل فِي الْحَال وعمّا لم يَقع نَحْو هُوَ يصلِّي أَي هُوَ فِي حَال صَلَاة وَهُوَ يصلِّي غَدا فإِذا قلت سيفعل أَو سَوف يفعل فقد أَخلصت الْفِعْل لما لم يَقع فإِذا قلت لن يفعل فَهُوَ نفي لقَوْله سيفعل كَمَا أَنَّ قَوْلك مَا يفعل نفي لقَوْله هُوَ يفعل وَمِنْهَا (لَا) وموضعها من الْكَلَام النَّفْي فإِذا وَقعت على فِعْل نفتْه مُسْتَقْبلا وَذَلِكَ قَوْلك لَا يقوم زيد وحقُّ نَفيهَا لما وَقع مُوجبا بالقسم كَقَوْلِك ليقومَنَّ زيد فَتَقول لَا يقوم يَا فَتى كأَنَّك قلت وَالله ليقومنّ فَقَالَ الْمُجيب وَالله لَا يقوم / وإِذا وَقعت على اسْم نفته من مَوْضِعه كَقَوْلِك لَا رجل فِي الدارَ وَلَا زيدٌ فِي الدَّار وَلَا عمروٌ ويفرد لهَذَا بَاب يستقصى فِيهِ إِن شاءَ الله ولوقوعها زَائِدَة فِي مثل قَوْله ﴿لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكِتَابِ أَنْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ﴾ أَي ليعلم كَمَا قَالَ الراجز
(وَمَا أَلومُ البِيضَ أَلاَّ تَسْخَرَا ... لَمّا رَأَيْنَ الشَمَطَ القَفَنْدرَا)
وَمن الْحُرُوف مَا يُستجمع فِيهِ مَعانٍ فَمن ذَلِك (مَنْ) لَهَا أَربعة مَوَاضِع كَمَا ذكرت لَك
1 / 47