164

Mukhtasar

مختصر المزني

Publisher

دار الفكر

Edition Number

الثانية

Publication Year

1403 AH

Publisher Location

بيروت

مُشْرِكٍ تَقْوِيَةً لِأَهْلِ دِينِ اللَّهِ وَلَهُ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَقَسْمُ الصَّدَقَاتِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ ثُمَّ أَكَّدَهَا وَشَدَّدَهَا فَقَالَ ﴿فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ﴾ الْآيَةَ وَهِيَ سَهْمَانِ ثَمَانِيَةٌ لَا يُصْرَفُ مِنْهَا سَهْمٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ عَنْ أَهْلِهِ مَا كَانَ مِنْ أَهْلِهِ أَحَدٌ يَسْتَحِقُّهُ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ بَلَدٍ وَفِيهِ أَهْلُهُ، «وَقَالَ ﷺ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ﵁ حِينَ بَعَثَهُ فَإِنْ أَجَابُوك فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ». (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَتُرَدُّ حِصَّةُ مَنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ أَهْلِ السُّهْمَانِ عَلَى مَنْ وُجِدَ مِنْهُمْ وَيَجْمَعُ أَهْلُ السُّهْمَانِ أَنَّهُمْ أَهْلُ حَاجَةٍ إلَى مَالِهِمْ مِنْهَا وَأَسْبَابُ حَاجَتِهِمْ مُخْتَلِفَةٌ، وَكَذَلِكَ أَسْبَابُ اسْتِحْقَاقِهِمْ مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٌ فَإِذَا اجْتَمَعُوا فَالْفُقَرَاءُ الزَّمْنَى الضِّعَافُ الَّذِينَ لَا حِرْفَةَ لَهُمْ وَأَهْلُ الْحِرْفَةِ الضَّعِيفَةِ الَّذِينَ لَا تَقَعُ فِي حِرْفَتِهِمْ مَوْقِعًا مِنْ حَاجَتِهِمْ وَلَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ (وَقَالَ) وَفِي الْجَدِيدِ زَمِنًا كَانَ أَوْلَى أَوْ غَيْرَ زَمِنٍ سَائِلًا أَوْ مُتَعَفِّفًا. (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالْمَسَاكِينُ السُّؤَالُ وَمَنْ لَا يَسْأَلُ مِمَّنْ لَهُ حِرْفَةٌ لَا تَقَعُ مِنْهُ مَوْقِعًا وَلَا تُغْنِيهِ وَلَا عِيَالَهُ وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ سَائِلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ سَائِلٍ. (قَالَ الْمُزَنِيّ) أَشْبَهَ بِقَوْلِهِ مَا قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: لِأَنَّ أَهْلَ هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ يَسْتَحِقُّونَهُمَا بِمَعْنَى الْعَدَمِ وَقَدْ يَكُونُ السَّائِلُ بَيْنَ مَنْ يَقِلُّ مُعْطِيهِمْ وَصَالِحٌ مُتَعَفِّفٌ بَيْنَ مَنْ يُبْدُونَهُ بِعَطِيَّتِهِمْ. (قَالَ الشَّافِعِيُّ): ﵀ إنْ كَانَ رَجُلٌ جَلْدٌ يَعْلَمُ الْوَالِي أَنَّهُ صَحِيحٌ مُكْتَسِبٌ يُغْنِي عِيَالَهُ أَوْ لَا عِيَالَ لَهُ يُغْنِي نَفْسَهُ بِكَسْبِهِ لَمْ يُعْطِهِ، فَإِنْ قَالَ الْجَلْدُ: لَسْت مُكْتَسِبًا لِمَا يُغْنِينِي وَلَا يُغْنِي عِيَالِي، وَلَهُ عِيَالٌ وَلَيْسَ عِنْدَ الْوَالِي يَقِينُ مَا قَالَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ وَاحْتُجَّ بِأَنَّ «رَجُلَيْنِ أَتَيَا النَّبِيَّ ﷺ فَسَأَلَاهُ مِنْ الصَّدَقَةِ فَقَالَ إنْ شِئْتُمَا وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مَرَّةٍ مُكْتَسِبٍ». (قَالَ الشَّافِعِيُّ): رَأَى ﵊ صِحَّةً وَجَلَدًا يُشْبِهُ الِاكْتِسَابَ فَأَعْلَمَهُمَا أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لَهُمَا مَعَ الِاكْتِسَابِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَمُكْتَسِبَانِ أَمْ لَا فَقَالَ " إنْ شِئْتُمَا " بَعْدَ أَنْ أَعْلَمْتُكُمَا أَنْ لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِمُكْتَسِبٍ فَعَلْت. (قَالَ): وَالْعَامِلُونَ عَلَيْهَا مَنْ وَلَّاهُ الْوَالِي قَبْضَهَا وَمَنْ لَا غِنَى لِلْوَالِي عَنْ مَعُونَتِهِ عَلَيْهَا، وَأَمَّا الْخَلِيفَةُ وَوَالِي الْإِقْلِيمِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا يَلِي قَبْضَ الصَّدَقَةِ، وَإِنْ كَانَا مِنْ الْقَائِمِينَ بِالْأَمْرِ بِأَخْذِهَا فَلَيْسَا عِنْدَنَا مِمَّنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَلِيَانِ أَخْذَهَا وَشَرِبَ عُمَرُ ﵁ لَبَنًا فَأَعْجَبَهُ فَأُخْبِرَ أَنَّهُ مِنْ نِعَمِ الصَّدَقَةِ فَأَدْخَلَ أُصْبُعُهُ فَاسْتَقَاءَهُ. (قَالَ): وَيُعْطَى الْعَامِلُ بِقَدْرِ غَنَائِهِ مِنْ الصَّدَقَةِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُهُ عَلَى مَعْنَى الْإِجَارَةِ. (قَالَ): وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ فِي مُتَقَدِّمِ الْأَخْبَارِ ضَرْبَانِ ضَرْبٌ مُسْلِمُونَ أَشْرَافٌ مُطَاعُونَ يُجَاهِدُونَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَيَقْوَى الْمُسْلِمُونَ بِهِمْ وَلَا يَرَوْنَ مِنْ نِيَّاتِهِمْ مَا يَرَوْنَ مِنْ نِيَّاتِ غَيْرِهِمْ فَإِذَا كَانُوا هَكَذَا فَأَرَى أَنْ يُعْطُوا مِنْ سَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ خُمُسُ الْخُمُسِ مَا يَتَأَلَّفُونَ بِهِ سِوَى سِهَامِهِمْ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ هَذَا السَّهْمَ خَالِصًا لِنَبِيِّهِ ﷺ فَرَدَّهُ فِي مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ (وَاحْتُجَّ) بِأَنَّ «النَّبِيَّ ﷺ أَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ يَوْمَ حُنَيْنٍ مِنْ الْخُمُسِ مِثْلَ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ وَأَصْحَابِهَا وَلَمْ يُعْطِ عَبَّادَ بْنَ مِرْدَاسٍ وَكَانَ شَرِيفًا عَظِيمَ الْغَنَاءِ حَتَّى اسْتَعْتَبَ فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ ﷺ». (قَالَ الشَّافِعِيُّ): ﵀ لَمَّا أَرَادَ مَا أَرَادَ الْقَوْمُ اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْهُ شَيْءٌ حِينَ رَغِبَ عَمَّا صُنِعَ بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَأَعْطَاهُ عَلَى مَعْنَى مَا أَعْطَاهُمْ وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ رَأَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ مَالِهِ حَيْثُ رَأَى أَنْ يُعْطِيَهُ؛ لِأَنَّهُ لَهُ ﷺ خَالِصًا لِلتَّقْوِيَةِ بِالْعَطِيَّةِ وَلَا نَرَى أَنْ قَدْ وُضِعَ مِنْ شَرَفِهِ فَإِنَّهُ ﷺ قَدْ أَعْطَى مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ النَّفْلِ، وَغَيْرِ النَّفْلِ؛ لِأَنَّهُ لَهُ وَأَعْطَى صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ وَلَمْ يُسْلِمْ وَلَكِنَّهُ أَعَارَهُ أَدَاةً فَقَالَ فِيهِ عِنْدَ الْهَزِيمَةِ أَحْسَنُ مِمَّا قَالَ بَعْضُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَذَلِكَ أَنَّ الْهَزِيمَةَ كَانَتْ فِي أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ حُنَيْنٍ أَوَّلَ النَّهَارِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ غَلَبَتْ هَوَازِنُ وَقُتِلَ مُحَمَّدٌ ﷺ فَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ بِفِيك الْحَجَرُ

8 / 256