Mukhtasar
مختصر المزني
Publisher
دار الفكر
Edition Number
الثانية
Publication Year
1403 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Shafi'i Jurisprudence
آخِذًا بِيَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ أَحَدُهُمَا آخِذٌ بِيَدِهِ فَلَمَّا رَأَوْهُ كَشَفُوا الْأَنْطَاعَ عَنْ الْأَمْوَالِ فَرَأَى مَنْظَرًا لَمْ يَرَ مِثْلَهُ الذَّهَبُ فِيهِ وَالْيَاقُوتُ وَالزَّبَرْجَدُ وَاللُّؤْلُؤُ يَتَلَأْلَأُ فَبَكَى فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُمَا: إنَّهُ وَاَللَّهِ مَا هُوَ بِيَوْمِ بُكَاءٍ لَكِنَّهُ وَاَللَّهِ يَوْمُ شُكْرٍ وَسُرُورٍ فَقَالَ: إنِّي وَاَللَّهِ مَا ذَهَبْت حَيْثُ ذَهَبْت وَلَكِنْ وَاَللَّهِ مَا كَثُرَ هَذَا فِي قَوْمٍ قَطُّ إلَّا وَقَعَ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْقِبْلَةِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك أَنْ أَكُونَ مُسْتَدْرَجًا فَإِنِّي أَسْمَعُك تَقُولُ: ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ﴾ ثُمَّ قَالَ أَيْنَ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمَ؟ فَإِنِّي بِهِ أَشْعَرُ الذِّرَاعَيْنِ دَقِيقُهُمَا فَأَعْطَاهُ سِوَارَيْ كِسْرَى وَقَالَ: الْبِسْهُمَا فَفَعَلَ فَقَالَ: قُلْ اللَّهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، قَالَ: فَقُلْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَلَبَهُمَا كِسْرَى بْنَ هُرْمُزَ وَأَلْبَسَهُمَا سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمَ أَعْرَابِيًّا مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ وَإِنَّمَا أَلْبَسَهُ إيَّاهُمَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِسُرَاقَةَ وَنَظَرَ إلَى ذِرَاعِهِ كَأَنَّ بِك وَقَدْ لَبِسْت سِوَارَيْ كِسْرَى وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ إلَّا سِوَارَيْهِ وَجَعَلَ يُقَلِّبُ بَعْضَ ذَلِكَ بَعْضًا ثُمَّ قَالَ: إنَّ الَّذِي أَدَّى هَذَا لَأَمِينٌ فَقَالَ قَائِلٌ: أَنَا أُخْبِرُك أَنَّك أَمِينُ اللَّهِ وَهُمْ يُؤَدُّونَ إلَيْك مَا أَدَّيْت إلَى اللَّهِ فَإِذَا رَتَعْت رَتَعُوا قَالَ: صَدَقْت ثُمَّ فَرَّقَهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) وَأَخْبَرَنَا الثِّقَةُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ أَنْفَقَ عُمَرُ ﵁ عَلَى أَهْلِ الرَّمَادَةِ فِي مُقَامِهِمْ حَتَّى وَقَعَ مَطَرٌ فَتُرَحَّلُوا فَخَرَجَ عُمَرُ ﵁ رَاكِبًا إلَيْهِمْ فَرَسًا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ كَيْفَ يَتَرَحَّلُونَ فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ مُحَارِبٍ حِصْفَةٍ أَشْهَدُ أَنَّهَا انْحَسَرَتْ عَنْك وَلَسْت بِابْنِ أُمَيَّةَ فَقَالَ عُمَرُ ﵁: وَيْلُك ذَاكَ لَوْ كُنْت أُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِي أَوْ مَالِ الْخَطَّابِ إنَّمَا أُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ ﷿.
مَا لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَرْضِينَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): ﵀: كُلُّ مَا صُولِحَ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ بِغَيْرِ قِتَالٍ خَيْلٌ وَلَا رِكَابٌ فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الْفَيْءِ عَلَى قَسْمِهِ وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ أَرْضِينَ وَدُورٍ فَهِيَ وَقْفٌ لِلْمُسْلِمِينَ يُسْتَغَلُّ وَيُقَسَّمُ عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ عَامٍ كَذَلِكَ أَبَدًا.
(قَالَ): وَأَحْسَبُ مَا تَرَكَ عُمَرُ ﵁ بِلَادَ أَهْلِ الشِّرْكِ هَكَذَا أَوْ شَيْئًا اسْتَطَابَ أَنْفُسَ مَنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَرِكَابٍ فَتَرَكُوهُ، كَمَا اسْتَطَابَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْفُسَ أَهْلِ سَبْيِ هَوَازِنَ فَتَرَكُوا حُقُوقَهُمْ وَفِي حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُمَرَ ﵀ أَنَّهُ عَوَّضَهُ مِنْ حَقِّهِ وَعَوَّضَ امْرَأَتَهُ مِنْ حَقِّهَا بِمِيرَاثِهَا كَالدَّلِيلِ عَلَى مَا قُلْت.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَالَ اللَّهُ ﵎ ﴿إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا﴾ الْآيَةَ.
(قَالَ): وَرَوَى الزُّهْرِيُّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَرَّفَ عَامَ حُنَيْنٍ عَلَى كُلِّ عَشْرَةٍ عَرِيفًا».
(قَالَ): وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِلْمُهَاجِرِينَ شِعَارًا وَلِلْأَوْسِ شِعَارًا وَلِلْخَزْرَجِ شِعَارًا.
(قَالَ): وَعَقَدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْأَلْوِيَةَ فَعَقَدَ لِلْقَبَائِلِ قَبِيلَةً فَقَبِيلَةً حَتَّى جَعَلَ فِي الْقَبِيلَةِ أَلْوِيَةً كُلُّ لِوَاءٍ لِأَهْلِهِ وَكُلُّ هَذَا لِيَتَعَارَفَ النَّاسُ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا فَتَخِفَّ الْمُؤْنَةُ عَلَيْهِمْ بِاجْتِمَاعِهِمْ وَعَلَى الْوَالِي كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي تَفَرُّقِهِمْ إذَا أُرِيدُوا مُؤْنَةً عَلَيْهِمْ وَعَلَى وَالِيهِمْ، فَهَكَذَا أُحِبُّ لِلْوَالِي أَنْ يَضَعَ دِيوَانَهُ عَلَى الْقَبَائِلِ وَيَسْتَظْهِرَ مَنْ غَابَ عَنْهُ وَمَنْ جَهِلَ مِمَّنْ حَضَرَهُ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ مِنْ قَبَائِلِهِمْ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) ﵀: وَأَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصِّدْقِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ مِنْ قَبَائِلِ قُرَيْشٍ وَكَانَ بَعْضُهُمْ أَحْسَنَ اقْتِصَاصًا لِلْحَدِيثِ مِنْ بَعْضٍ وَقَدْ زَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ أَنَّ عُمَرَ ﵁ لَمَّا دَوَّنَ الدِّيوَانَ قَالَ: أَبْدَأُ بِبَنِي هَاشِمٍ ثُمَّ قَالَ: حَضَرْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُعْطِيهِمْ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ فَإِذَا كَانَتْ السِّنُّ فِي الْهَاشِمِيِّ قَدَّمَهُ عَلَى الْمُطَّلِبِيِّ وَإِذَا كَانَتْ فِي الْمُطَّلِبِيِّ
8 / 254