Mukhtarat Qisasiyya Li Yukiyo Mishima
البحر والغروب وقصص أخرى: مختارات قصصية ليوكيو ميشيما
Genres
نظرت توشيكو لأسفل تجاه شعر الرجل الأشعث المتسخ الذي بدا، وكأنه مضفر في أماكن منه. كتف المعطف يعلو ويهبط مع التنفس في الظلام.
أحست توشيكو أن خيالاتها وأفكارها التي تفكر فيها منذ قليل، تلك الخيالات الحزينة التي تربت على التعاطف من قلب رحيم. أحست وكأنها فجأة تجسدت أمامها. جبهة الرجل التي برزت في الظلام كانت جبهة شاب. ورغم ذلك فقد كانت التجاعيد العميقة قد نحتت فيها، وقد ظهرت عليه بوضوح آثار الفقر والمعاناة لفترات طويلة. كان الرجل نائما وقد ثنى طرف بنطاله الكاكي اللون، ويرتدي حذاء رياضيا مليئا بالثقوب بلا جوارب.
فجأة انتابت توشيكو رغبة قوية في رؤية ذلك الوجه؛ فاستدارت ناحية الوجه، ونظرت بعمق إلى الوجه النائم المدفون داخل أذرع الرجل. وعلى غير المتوقع كان شابا، يملك حواجب بارزة، وأنفا جميلة. كان فمه المفتوح قليلا به براءة طفولية.
لأن توشيكو كانت قد اقتربت جدا منه، فقد أحدثت أوراق الجرائد المفروشة تحته صوتا عاليا. استيقظ الرجل، وفجأة لمعت عيناه وأطبق بيده الضخمة على معصم توشيكو.
ولكن توشيكو لسبب ما، لم تشعر بأي خوف على الإطلاق. بل تركت معصمها الرقيق له، وفجأة قالت لنفسها: «آه، لقد مرت السنوات العشرون بالفعل!»
كانت أشجار القصر الإمبراطوري غارقة في الظلام الدامس والصمت التام.
الخوف على الوطن
1
في الثامن والعشرين من شهر فبراير للعام الحادي عشر من عصر ميجي
1 (أي في اليوم الثالث من وقوع حادث 26 فبراير)، أمسك الملازم أول شينجي تاكياما، الضابط العامل بقوة كتيبة «كونوئه» للنقل بسيفه العسكري، وانتحر ببقر بطنه طبقا لطقس السيبوكو في الغرفة ذات القطع الثمانية من حصير التاتامي من مسكنه الخاص ، الواقع في أوباتشو بالتجمع السادس بحي يوتسويا، بعد أن عانى طويلا عندما عرف بعد الحادث أن زملاءه المقربين كانوا مع المتمردين منذ البداية، فضلا عن سخطه لاحتمال اقتتال قوات الجيش الإمبراطوري فيما بينها. ولحقت به زوجته ريكو بطعن نفسها بخنجرها الصغير. كانت وصية الملازم أول مكونة فقط من جملة وحيدة هي: «عاش الجيش الإمبراطوري.» أما وصية زوجته، فبعد الاعتذار عن عقوقها لوالديها بسبقهما إلى الموت، كتبت: «لقد جاء اليوم المحتوم مجيئه لي كزوجة رجل عسكري.» وكانت اللحظات الأخيرة لهذين الزوجين المخلصين حرية بجعل الشياطين أنفسهم يبكون. وتجدر الإشارة إلى أن الملازم أول مات في الثلاثين من عمره، وزوجته في الثالثة والعشرين، وأنه لم يمر على حفل زواجهما ستة أشهر.
Unknown page