Mukhtarat Qisasiyya Li Ryunosuke Akutagawa
١٩٢٧: مختارات قصصية لريونوسكيه أكوتاغاوا
Genres
عزمت على الاتصال فورا بأحد مستشفيات الأمراض النفسية بمجرد عودتي إلى غرفتي، ولكن كان دخولي له لا يختلف عن الموت، وبعد حيرة شديدة، ومن أجل أن ألهو عن ذلك الرعب بدأت في قراءة «الجريمة والعقاب»، ولكن كانت الصفحة التي فتحتها صدفة، عبارة عن فقرة من «الإخوة كارامازوف»، ظننت أنني أخطأت الكتاب، فنظرت إلى صفحة الغلاف، فوجدته مكتوبا عليه «الجريمة والعقاب» ... لا شك أنها رواية «الجريمة والعقاب»، لم أجد مفرا من قراءة تلك الفقرة لأنني أحسست بحركة أصابع القدر في خطأ شركة تجميع الكتاب، ثم في فتحي أنا تلك الصفحة التي بها ذلك الخطأ بالصدفة، ولكنني بدأت أشعر بأن كل أجزاء جسمي ترتعش قبل أن أكمل قراءة صفحة واحدة، كانت تلك الفقرة تصف كيف يعذب الشيطان إيفان، يعذب إيفان، ويعذب ستريندبرغ، ويعذب موباسان، ثم يعذبني أنا القابع في هذه الغرفة شخصيا ...
لم يعد هناك من ينقذني من تلك الحالة التي وصلت إليها إلا النوم فقط، ولكن في غفلة من الزمن كانت كل الأدوية المنومة التي لدي قد انتهت ولم يتبق منها كيس واحد، لم أحتمل أن أظل في هذا العذاب دون أن أستطيع النوم، ولكن تولدت لدي شجاعة يائسة، فقررت أن أطلب حمل قهوة لي، ثم أن أمسك بالقلم وأكتب باستماتة واجتهاد صفحتين، خمس صفحات، سبع صفحات، عشر صفحات ... كانت صفحات المخطوطة تزداد وتزداد في لمح البصر، كنت قد ملأت عالم تلك الرواية بحيوانات ما فوق الطبيعة.
13
ليس هذا فقط، بل لقد رسم أحد تلك الحيوانات بورتريها شخصيا لي، ولكن بدأ التعب يخيم على رأسي ببطء، وفي النهاية ابتعدت عن المكتب، ورقدت على ظهري فوق السرير، ويبدو أنني نمت بعد ذلك لمدة خمس وأربعين دقيقة تقريبا، ثم شعرت أن شخصا يهمس في أذني بالكلمة التالية، فاستيقظت ونهضت واقفا.
Le diable est mort.
14
كان الفجر قد بدأ يهل باردا نافذة حجر الطفلة. كنت أقف ثابتا أمام الباب، أتأمل الغرفة الخالية تماما من البشر، وعندها ظهر مشهد صغير وغائم للهواء الخارجي في شكل بقع على الجانب الآخر من الزجاج، ولم يكن هناك أي شك أن ذلك مشهد البحر خلف غابة صنوبر اصفر لونها، اقتربت من النافذة متوجسا، فاكتشفت أن من صنع هذا المشهد في الواقع هي بركة الحديقة وعشبها الذابل، ولكن في آخر الأمر استدعت أوهامي البصرية تلك إحساسا قريبا من الاشتياق تجاه بيتي.
قررت وأنا أجمع الكتب والمسودات داخل الحقيبة التي فوق المكتب، أن اتصل هاتفيا بإحدى المجلات عندما تصل الساعة إلى التاسعة، وأطلب منهم إمدادي بالمال بأية طريقة، ثم أن أعود إلى بيتي. (6) طائرة
ركبت سيارة تسرع إلى منطقة مصايف تبعد عن إحدى محطات خط طوكاي للسكك الحديدية، كان السائق لسبب ما يضع على جسمه معطف مطر قديما في مثل هذا الجو البارد، فكرت أن تلك الإشارة لا معنى لها، فحرصت على ألا أنظر تجاهه وقررت أن أنظر خارج النافذة، وعندها على الجانب المواجه من شجرة صنوبر قصيرة ... على الأرجح أنني رأيت إحدى الجنازات تسير في الطريق القديم، ويبدو أنه لا ينضم إليها القناديل المصنوعة من الورق الأبيض المشدود ولا القناديل التي على شكل تنين، ولكن كانت تهتز للأمام وللخلف في هدوء زهور لوتس صناعية مصنوعة من الذهب والفضة ...
بعد عودتي أخيرا إلى بيتي، عشت في سلام كبير لمدة يومين أو ثلاثة أيام بفضل زوجتي وأولادي والأدوية المنومة، استطعت أن أرى البحر صغيرا فوق غابة الصنوبر من غرفتي في الطابق الثاني، قررت أن أجلس على مكتب الطابق الثاني هذا، وممارسة عملي في الفترة الصباحية فقط، وأنا أستمع لتغريد الحمام، غير الحمام تطير أيضا على حافة حديقة المنزل غربان وعصافير، وكان ذلك ممتعا لي أيضا، كلما أمسكت بالقلم تذكرت قول: «طائر العقعق يجلب المسرات».
Unknown page