Mukhtarat Qisasiyya Li Ryunosuke Akutagawa
١٩٢٧: مختارات قصصية لريونوسكيه أكوتاغاوا
Genres
3
كان توك هذا يحمل أفكارا ذات طبيعة خاصة جدا فيما يتعلق بالفنون، فطبقا لما يؤمن به، يجب أن يكون الفن غير محكوم بشيء، يجب أن يكون فنا من أجل الفن فقط، وبالتالي يجب على الفنان الحقيقي أن يكون سوبرمان وأن ينقطع عن معايير الخير والشر قبل أي شيء آخر، ولكن ليس هذا بالضرورة رأي توك وحده فقط، ولكن على ما يبدو أن كل أصدقاء توك من الشعراء لهم نفس الرأي، وفعليا لقد زرت عدة مرات مع توك نادي السوبرمان هذا، ويجتمع في نادي السوبرمان الشعراء والروائيون والمسرحيون والنقاد والرسامون والموسيقيون والنحاتون وهواة الفنون ... إلخ، ولكنهم جميعا سوبرمان، وهم يتبادلون الحوارات الصاخبة في صالون منار بمصابيح كهربائية شديدة الإنارة. ليس هذا فقط، بل كانوا أحيانا ما يتبادلون إظهار قدراتهم الفائقة تلك أمام بعضهم البعض بفخر. على سبيل المثال أحد النحاتين أمسك كابا شابا بين أصص نبات السرخس الشيطانية الكبيرة يمارس معه الحب الذكري. وأيضا روائية من إناث الكابا صعدت فوق المنضدة وعلى الفور أظهرت قدرتها على شرب ستين زجاجة من مشروب الأفسنتين الكحولي، وبعد أن شربت الزجاجة الستين سقطت تحت المنضدة ميتة.
في ليلة قمرية رائعة، رجعت من نادي السوبرمان مع توك ونحن نشبك مرفقينا معا. كان توك مكتئبا على غير العادة فلم ينبس ببنت شفة، وأثناء ذلك مررنا من أمام نافذة صغيرة تشع منها ظلال الإضاءة، وداخل تلك النافذة كان زوجان من الكابا وثلاثة أطفال يحيطون بمائدة وجبة العشاء، وعندها تنهد توك تنهيدة أسى وتحدث إلي فجأة بما يلي: «أنا أعتقد أنني سوبرمان في الحب، ولكنني مع ذلك كلما رأيت مثل هذا المنظر العائلي أشعر بالغيرة.» «ولكن مهما فكرنا في ذلك ألا تراه تناقضا؟»
ولكن ظل توك تحت ضوء القمر يراقب مائدة عشاء تلك الأسرة والكابا الخمسة الهانئين في سلام على الجهة الأخرى من النافذة الصغيرة، ثم أجاب كما يلي بعد فترة: «لأن البيض المقلي الموجود فوق تلك المائدة صحي أكثر من الحب.»
6
في الواقع، إن الحب عند الكابا يختلف تماما عن الحب عندنا نحن البشر، فمجرد أن ترى أنثى الكابا ذكرا يروق لها تسرع في الإمساك به دون أي اعتبار للوسيلة في سبيل ذلك، والكابا الأكثر صراحة من الإناث هي من تلاحق ذلك الذكر بلا هوادة، ولقد رأيت فعليا أنثى كابا تلاحق ذكرا كالمجنونة. كلا ليس هذا فقط، فبالتأكيد تفعل الأنثى الشابة ذلك ولكن يلاحق الذكر معها أيضا والداها وإخوانها. إن ذكر الكابا فعلا هو البائس حقا. أجل ففي نهاية اللف والدوران هنا وهناك محاولا الهروب، وحتى لو لم تكتشفه، يرقد بعد ذلك مريضا في فراشه لمدة شهرين أو ثلاثة. في أحد الأوقات، كنت أقرأ ديوان شعر من تأليف توك، وعندها أسرع بالمجيء الطالب لاب، وبعد أن اقتحم لاب بيتي سقط على الأرض، وقال وأنفاسه متقطعة ما يلي: «مصيبة! لقد ألحقت بي أخيرا!»
ألقيت بديوان الشعر على الفور، وذهبت لأغلق باب البيت بالقفل، ولكنني تلصصت من ثقب المفتاح فرأيت أنثى كابا قصيرة القامة لطخت وجهها بمسحوق الكبريت ما زالت تحوم حول الباب. ظل لاب منذ ذلك اليوم يبيت في فراشي لعدة أسابيع. ليس هذا فقط، بل لقد تعفن منقار لاب تماما وسقط.
وبالطبع لا يعني ذلك عدم وجود ذكر كابا يلاحق أنثى كابا بكل ما لديه من جهد، ولكن في الحقيقة هذا من أعمال أنثى الكابا التي تجعله لا يحتمل إلا أن يطاردها، ولقد رأيت ذكور الكابا يلاحقون إناث الكابا كالمجانين، وفي أثناء هروب الأنثى، أحيانا ما تتعمد أن تقف أو تزحف على أربع. علاوة على ذلك أنها تجعله يمسك بها بسهولة فجأة وكأنها يئست من الفرار. ذكر الكابا الذي رأيته بمجرد أن حضن أنثى الكابا ظل لبعض الوقت راقدا في مكانه، ولكن، عندما قام واقفا أخيرا، كانت ملامحه لا يمكن وصفها أهي ملامح ندم أم ملامح خيبة أمل، في كل الأحوال، كان وجهه يثير الشفقة، ولكن ما زال ذلك أفضل في أي حال. فقد رأيت ذكر كابا، يلاحق أنثى كابا. كانت الأنثى كما هي العادة تهرب منه بالجري جريا أكثر إثارة وإغراء، وعندها جاء من الجهة الأخرى ذكر كابا كبير الحجم وهو يصفر بمنخاره، ولسبب مجهول عندما رأت أثنى الكابا ذلك الذكر صرخت بصوت حاد قائلة له: «النجدة! أرجوك أنقذني! فهذا الكابا يريد قتلي!»
وبالطبع أمسك ذكر الكابا الضخم على الفور بالكابا الصغير وألقى به في عرض الشارع. حاول الكابا الصغير عدة مرات أن يمسك الهواء بيده ذات الأغشية التي بين الأصابع، ولكنه في النهاية لفظ أنفاسه الأخيرة ومات، ولكن وقتها أنثى الكابا تلك ابتسمت ابتسامة عريضة وطوقت عنق ذكر الكابا الضخم الجثة بذراعيها والتصقت به.
إن كل من أعرفهم من ذكور الكابا أجمعوا على قول واحد أنهم لوحقوا من إناث الكابا، وبالتأكيد حتى باغ الذي لديه زوجة وأطفال لوحق. ليس هذا فقط، بل وأمسك به أكثر من مرة، ولكن الفيلسوف ماغ (إنه ذلك الكابا الذي يسكن بجوار الشاعر توك) فقط هو الوحيد الذي لم يمسك به قط، وعلى الأرجح أن سبب ذلك أن عدد الكابا الدميمين دمامة ماغ قليل بالتأكيد، وسبب آخر أن ماغ قليل ما يظهر وجهه في الطرقات العامة، بل هو يظل داخل بيته على الدوام. لقد كنت أزور بيت ماغ هذا أيضا من حين لآخر للتحدث معه. كان ماغ دائما يضيء البيت المعتم بقنديل زجاجي بسبعة ألوان، ويقرأ دائما في كتب ضخمة على مكتب أقدامه عالية، وفي أحد المرات تحاورت معه عن حب حيوانات الكابا. «لم لا تقبض هذه الدولة بحزم وصرامة أكثر على إناث الكابا اللائي يطاردن الذكور؟» «السبب أن عدد موظفي الدولة الإناث قليل؛ لأن مشاعر الغيرة لدى إناث الكابا أقوى بكثير منها لدى الذكور، بمجرد زيادة عدد موظفي الدولة من الإناث فمن المؤكد أنهن سيعيشون حياة أفضل من الآن دون الاضطرار إلى مطاردة الذكور، ولكن فاعلية ذلك غير معروفة. جرب أن تسأل عن السبب؛ لأن الإناث تطارد الذكور حتى بين موظفي الدولة.» «وبهذا تكون الحياة على طريقتك أنت هي أفضل وسيلة للعيش في سعادة، أليس كذلك؟»
Unknown page