Mukhtarat Min Qisas Qasira
مختارات من القصص القصيرة
Genres
وتابع الرجل الضئيل الشاحب الوجه حديثه مبتسما: «الشباب مرحلة تحلو العودة إليها. قبل عشرين عاما من الآن، كانت ليلة الحفل الراقص؛ احتفالا بموسم الصيد. أتتذكرونها؟»
كان إيفريت أول من شرب من الكأس. وقد شرب منه وعيناه الصغيرتان المتألقتان شاخصتان في توق نحو وجه السيدة كاملفورد الجميل والنبيل؛ ثم ناول الكأس إلى زوجته. وكانت هي على الأرجح من شرب بأكبر قدر من اللهفة. فحياتها مع إيفريت - منذ لحظة أن قامت من سرير المرض، بعدما سلبها الداء جمالها كله - كانت مريرة. شربت ويحدوها أمل مجنون ألا يكون ما يحدث حلما؛ وبابتهاج نابع من لمسة يد الرجل الذي أحبته ناولت الكأس إلى آرمتيدج الذي مد يده عبر الطاولة ليأخذها من يدها. كانت السيدة آرمتيدج هي رابع الشاربين. فبعدما تناولت الكأس من زوجها، شربت بابتسامة هادئة، ثم ناولتها إلى كاملفورد. وشرب كاملفورد دون أن ينظر إلى أحد، ثم وضع الكأس على الطاولة.
قال الرجل العجوز الضئيل مخاطبا السيدة كاملفورد: «هيا، لم يتبق سواك. لن تكتمل التجربة دون مشاركتك.»
ردت السيدة كاملفورد، وعيناها تنشدان عيني زوجها، الذي عزف عن النظر إليها: «ليست لدي رغبة في الشرب.»
ألح الرجل الضئيل مجددا: «هيا.» وحينئذ نظر لها كاملفورد، وضحك ضحكة خاوية.
ثم قال: «يستحسن أن تشربي.» وأضاف: «فهذا كله مجرد حلم.»
أجابته قائلة: «كما تريد.» وتناولت الكأس من يديه.
ما سأحكيه لكم الآن استقيت معظمه مما حكاه لي آرمتيدج تلك الليلة في غرفة التدخين بالنادي. لقد بدا له أن جميع الأشياء في غرفة الطعام بالنزل بدأت ترتفع ببطء، في حين ظل هو ثابتا، بيد أنه كان يعاني من ألم شديد كما لو أن أحشاءه تتمزق؛ وقد شبه ذلك الإحساس بما يشعر به المرء أثناء الهبوط في المصعد لكن أشد ألف مرة. وطوال الوقت كان الصمت والظلام يحاوطانه. وبعد فترة من الزمن، ربما كانت دقائق، وربما كانت سنوات، دنا منه ضوء خافت. ثم اشتد الضوء، وعبر نسمات الهواء التي هبت على وجهه تناهى إلى مسامعه صوت موسيقى آت من بعيد. علا الضوء والموسيقى معا، وشيئا فشيئا، استعاد وعيه. كان جالسا على مقعد مبطن منخفض تحت مجموعة من النخل. وبجواره كانت تجلس فتاة شابة، لكن وجهها كان محولا عنه .
وسمع نفسه يقول: «لم أنتبه إلى اسمك.» ثم أضاف: «هل تمانعين في إخباري به؟»
أدارت الفتاة وجهها نحوه. كان وجها ذا جمال روحاني لم ير مثيله أبدا. وضحكت قائلة: «يبدو أني واقعة في ورطة مماثلة.» ثم أضافت: «يستحسن أن تكتب اسمك على النسخة الخاصة بي من برنامج الحفل، وسوف أكتب اسمي على نسختك.»
Unknown page