Muhawarat Alfred North Whitehead
محاورات ألفرد نورث هوايتهد
Genres
وناقشنا هذا الرأي فقال: «كتب إلي سر رتشارد لفنجستون يقول إن أقوى
فقالت مسز هوايتهد: «أهمية وظيفته، لا أهمية شخصه.»
وواصل حديثه قائلا: «وكذلك المشكلة الأساسية في الفلسفة الحديثة هي كيف نربط الواحد بالمتعدد. وقد تحدث في ذلك أفلاطون، وأصاب في الكثير من المواضع، ولكنه كذلك أخطأ خطأ فاحشا في مواضع كثيرة أخرى. والاتجاه الحديث هو أن تقول: أنا سعيد «الآن»، والمستقبل لا يهمني، ولكن «الآن» لا معنى لها بغير دلالة المستقبل. والمطلوب هو أن نربط كل «الآونات» بالمستقبل.»
فسألت مسز هوايتهد: «وما الفارق بين الذكاء والمقدرة؟ أعتقد أننا جميعا نبتهج حينما نلمس الذكاء في الطفل أو المراهق. أما إذا كنا لا نزال نعجب به عند الراشد فنحن من الخاطئين.» - «أليس هناك شخص في إحدى روايات دكنز يقال عنه - حتى أواخر أيامه - إن شاب يرجى منه؟ أعتقد أن الذكاء هو سرعة الفهم، وهو يتميز عن المقدرة، وهي القدرة على التصرف بحكمة في الأمر المفهوم، ولكني أتوق إلى السؤال مما نعني حينما نقول عن شخص ما إن عنده عمقا؟ إننا نعرف ما نعني، ولكنا لا نستطيع أن نصوغه في ألفاظ.»
فقال هوايتهد: «إننا لا نستطيع ذلك على وجه دقيق؛ لأن العمق هو القدرة على أن يأخذ المرء في اعتباره في موقف من المواقف كل تلك العوامل التي لا يمكن أن تصاغ في اللفظ صياغة شافية.»
فقالت: «إن هذه العوامل تفتر حينما تصاغ في اللفظ. العمق عندي هو القدرة على أن يرى المرء ما يحيط بالأمور، وأن يرى هذه الأمور في كل علاقاتها.» - «وهل هي موروثة أو مكتسبة؟»
قالت: «ليست مكتسبة، إنما هي موروثة، ولكنها تتطور بعد ذلك.»
فقال هوايتهد: «إننا نحصل من الأطفال على أقصى قدراتهم إذا نشئوا في ظروف اقتصادية بعيدة عن الترف، ظروف تقحمهم في سن باكرة في زمرة أولئك الذين يتحملون التبعات في المجتمع، وقد يكون هذا المجتمع كبيرا، ولكنه لا يتحتم أن يكون كذلك، ويكفي أن يكونوا أشخاصا مسئولين يؤدون عملا عاما. هذه فئة. أما الفئة الأخرى فلا يلزم حتى أن تكون في حالة اقتصادية مريحة، ولكن الطفل ينبغي أن يولد - أو ينشأ - وسط أفكار خلقية جدا أو دينية.» - «إن ما نفعك يا أولتي هو إحساسك الخلقي والديني، ولقد أخذت هذا الإحساس عن أبيك القسيس.»
قال: «لقد أسس أمريكا أناس من هاتين الفئتين؛ من أصحاب المسئولية الاجتماعية وأصحاب الحس الخلقي. وكثيرا ما بدا لي أن ذلك هو الذي جعل القرن الثامن عشر في إنجلترا فاترا؛ لأن الناس الذين توافرت فيهم الحيوية قد أتوا إلى هنا في القرن السابع عشر، وكانت فرنسا أفضل من إنجلترا في القرن الثامن عشر، وأهم نتائج الثورة الفرنسية هي الثورة الأمريكية، وقد أخفقت الثورة في فرنسا، ولكنها نجحت في أمريكا.»
وأدى بنا ذلك إلى ملاحظة انعدام الحماسة في هارفارد، على نقيض ما يشاهد في الغرب الأوسط، وبخاصة بين طلاب الجامعة في هارفارد حيث كانت الحماسة تعد أمرا غير مستحب من الناحية الاجتماعية. وقال إن الحماسة تنعدم عند أبناء الأسر الغنية في بوسطن ونيويورك، وهم ثلث الطلاب، أما الثلث الأوسط فهو محايد كالعادة، ولكن الثلث الأخير يتصف بها، وهم فتية أكثرهم من المدن الصغرى ومن المناطق النائية. أما هيئة التدريس فقد أقر بأن ميل الكثيرين منهم يتأثر بأبناء الطبقة العليا، وفي اعتقاده أن صوتهم غير مسموع في إدارة الجامعات الأمريكية، ولم يكن لهم من قبل هذا الصوت، على نقيض الحال في إنجلترا، حيث تكون الإدارة في أيديهم، هنا يختص كل أستاذ بقسم. أما في ترنتي فهناك هذا الاتجاه أيضا، ولكنك لو تعمقت ألفيتهم جميعا على رأي واحد؛ إذ يريدون أن تكون ترنتي مكانا له قيمة تربوية حية. لما تألفت جامعة لندن من مدارس متباعدة أشد التباعد، اشترط أن يكون لهيئة التدريس صوت في إدارة المؤسسة الجديدة. - «لقد طورت إنجلترا نظامها الجامعي، وكثيرا ما أتساءل عن المدة التي نستغرقها لكي نطور هنا نظاما يلائم احتياجاتنا الخاصة بنا.»
Unknown page