Muhawarat Alfred North Whitehead

Mahmud Mahmud d. 1450 AH
83

Muhawarat Alfred North Whitehead

محاورات ألفرد نورث هوايتهد

Genres

فأجابت بقولها: «كان أولتي يرد عليها بصوته العذب، الذي يصدر عنه دائما حينما يصمم بصفة خاصة أن يعالج الموضوع بطريقته، وكان يقول: «إن عاداتي قد تجمدت، وأخشى أن يكون الكبر قد بلغ حدا لا يمكنني من تغيير أسلوبي، وعليكم أن تصبروا معي».» - «سمعت عن اجتماعات أمسيات الآحاد عندكم قبل أن أتعرف إليكم بسنوات عدة، وكنت أتوق دائما إلى حضورها.»

قالت: «ولماذا لم تفعل؟ لقد قيل لنا إن أحدا لن يرغب في الحضور. ولم يحضر أحد بالفعل في أول أمسية، إذا استثنينا رجلا صينيا بقي معنا إلى ما بعد منتصف الليل، وكدنا نفشل فشلا تاما! ثم بدءوا يفدون علينا ستة ستة؛ كي يحتمي كل منهم بالآخر فيما أظن. وأخيرا ذات مساء استمعوا إلي وأنا أجادل الحكيم، في نقطة كنت أعرف أن أولتي قد أخطأ فيها، وتبادلنا أطراف الجدل وأخيرا أقر أولتي بخطئه، ولسبب لا ندريه انتشر نبأ هذا الجدل؛ فبدأ الضيوف يتوافدون، ولم يزد عدد الزائرين في أية ليلة عن بضعة وتسعين، ثم نمى الخبر إلى اليهود فجاءوا أسرابا، وتباعد من عداهم، واستمرت الحال على ذلك عامين، نقضي مع اليهود وقتا طيبا دون من هم على غير دينهم، ثم عاد هؤلاء إلى زيارتنا وعادت الأمور كما كانت، وكان فلكس عونا كبيرا في هذه المجتمعات؛ إنه لم يتكلم، ولكنه حث الآخرين جميعا على الكلام. ولم يستطع أصدقاؤنا أن يصدقوا أنني لا أرضى بإلغاء أمسيات الأحد هذه في سبيل حفلات العشاء التي كانوا يقيمونها للمشهورين من الأجانب، بيد أنا لم نتخل مرة واحدة عن طلابنا.»

وبلغنا فندق أمباسادور.

فقالا: «ألا ترغبون في الدخول معنا؟»

وكانت أرجاء المسكن مغطاة بالورق لحلول فصل الصيف. وقد حدث ذلك فعلا؛ لأن جون وماري اللذين عاشراهما - ماري لمدة تسعة عشر عاما، وهو لما يقرب من عشر سنوات - قد قاما، أثناء غيابهما، بتنظيف جميع الكتب وإعادتها إلى رفوفها مغطاة بأوراق الصحف، وكل شيء بالمسكن كان يفوح بالجدة والنظافة، وطافا بأرجاء المكان يستنشقان جوه ويعبران عن ابتهاجهما.

ثم قالت لي: «البث معنا لتتناول عشاء من اللحم.»

وكانت عودتنا من الريف إلى مسكن في عمارة في يوم من أيام يوليو الذي اشتد قيظه مناسبة للاحتفال ، وبينما كانت ماري تعد عشاء اللحم الموعود، جلسنا في مكتب هوايتهد، يهب علينا نسيم عليل.

وكانت حمى السياسة في أوروبا تزداد سوءا يوما بعد يوم، وشرعنا نقارن بين مسلك الدكتاتوريين الفاشيين والحكام المستبدين المجانين في المأساة الإغريقية.

قلت: «إن هتلر لم يسمع قط بآلهة المثوبة والعقاب في العقائد الإغريقية، ولو قد عرف شيئا من هذا لما كان له لديه معنى. أما الرجل الآخر فقد قرأ في هذا الباب.»

فقال هوايتهد: «لقد قرأ مكيافلي، وقد كتب مكيافلي قواعده لبلوغ نجاح قصير الأجل، يمتد من خمسة أعوام إلى خمسة عشر.»

Unknown page