Muhawarat Alfred North Whitehead

Mahmud Mahmud d. 1450 AH
81

Muhawarat Alfred North Whitehead

محاورات ألفرد نورث هوايتهد

Genres

وأجاب هوايتهد بقوله: «وما زلت عند رأيي. إن جلوسنا هنا، في الأزياء التي نرتديها، وبوحنا ببعض أفكارنا، يرجع إلى حد ما - فيما أظن - إلى أغسطس. لقد وجد السبيل إلى الاحتفاظ بكيان الإمبراطورية باتباع نظام الإمارات، كان يكل إلى الرجال من جميع الأحزاب أعمالا ذات تبعات، وكانوا يحملون هذه التبعات، وكانت بلاد الغال هادئة. أما ألمانيا (وهنا ارتسمت على شفته ابتسامة) فكانت بالأمس - كما هي اليوم - مشكلة المشكلات.»

قلت: «إنهم لم يعرفوا السلام قط. ولا عجب في ذلك؛ فإن الغابة الألمانية كانت تستغرق مسير تسعة أيام من أحد طرفيها إلى الطرف الآخر، في ظلام، ورطوبة، حيث لا توجد طرق أو مدن، ورجال القبائل دائما على أهبة للهجوم. وكانت بلاد الغال تسبق التيونون ثقافيا بعدة قرون.»

وسأل هوايتهد: «وهل كان للغال أدب في ذلك الحين؟» - «لست أذكر لهم أدبا قط، اللهم إلا إذا نسبت إلى الغال الفضل في «مذكرات» قيصر. والفارق هو أن قيصر كان يجد في الغال طرقا يقطعها مسافرا، ومحصولات يعيش عليها، ومدائن وممتلكات يرغم السكان على الاحتفاظ بها والدفاع من أجلها. أما في ألمانيا فقد كان على كتائب الجيش أن تشق طرقاتها، وتحمل معها مئونتها.»

فقال هوايتهد: «ثم حلت كذلك تلك الكارثة المروعة بألمانيا؛ فقد هلك فاروس، وهلكت معه ثلاث كتائب هي خير ما في الجيش الروماني.»

وردد بكمان تلك الصيحة اليائسة التي صرخ بها أغسطس، وهي: «رد إلي كتائبي يا تونتيليوس فاروس.» ثم أضاف إلى ذلك وهو يبتسم قوله: «إننا ما زلنا نعاني من فقدان تلك الكتائب الرومانية في ألمانيا على أيدي فاروس.»

وأجابه هوايتهد حادا بقوله: «يحتمل كثيرا أن يكون الأمر كذلك.»

المحاورة السادسة عشرة

18 من يوليو 1939م

في الساعة العاشرة من هذا الصباح يعود آل هوايتهد إلى مسكنهم بفندق أمباسادور في كمبردج، يقضون به ليلة حتى يأتيهم نورث لينقلهم إلى «جزيرة باتلشب» في بحيرة سباجو بالمين.

وقبل الرحيل، أراد هوايتهد - وقد لبس سترته وقبعته - أن يخرج إلى الحقل المنحدر فوق النهر ليلقي نظرة أخرى على المنظر الذي أحبه حبا جما، ورافقته أنا وبكمان، وإذ نحن واقفون بالحقل نسرح الطرف في الطبيعة، ونرسله إلى تيار كنكورد الساكن النائم، عاد بالحديث إلى موضوع ما يحققه الشاعر لنفسه من فائدة.

Unknown page