Muhawarat Alfred North Whitehead
محاورات ألفرد نورث هوايتهد
Genres
شخصياتها من الحياة!» - «كيف لم تعرف ذلك، وقد عرفه كل إنسان». ثم عددت مسز هوايتهد الأسماء.
وأثار سبنسر السؤال عما إذا كانت شهرة جورج مرديث في وقت من الأوقات قد كتب لها الدوام.
فقال هوايتهد: «لا أظن ذلك.» - «ما الذي سيقضي عليه؟» - «كان يعيش في وسط أدبي مرتفع، يبتعد عن الحوادث الجارية، ويخلق شخصياته من تأملاته، وحينما يفشل الكاتب المجيد، فالراجح أن ذلك مرده إلى زيادة انشغاله بالأفكار الأدبية البارعة، وابتعاده عن الموضوعات الإنسانية العامة الشائعة. خذ شكسبير مثلا؛ إنك قلما تجد عنده فكرة - أو موقفا - من غير المألوف، غير أن اللغة والخيال تجعل هذه الفكرة أو ذلك الموقف شيئا رائعا. يجب أن تكون هناك موضوعات عامة إنسانية مما يهتم به كل إنسان، وأن تعالج معالجة حية.»
قالت مسز بكمان: «إننا نقرأ جهرا في أسرتنا، وقد تبين لي أن الشباب عندنا لا يهتمون بمرديث، ولكنهم يهتمون بهنري جيمس. إنهم لا يجدون عباراته الملفوفة عسيرة على أفهامهم، وهم يستطيعون متابعة دخائل فكره. إنه كان ولا شك أشد غوصا في حدود الرقعة الضيقة التي كان ينبش فيها. إنه يكشف عن مميزات الفرد.»
وسأل سائل: «متى بدأ في التاريخ لأول مرة تقدير الشخص لذاته؟»
قال هوايتهد: «كنت أحسب أن ذلك بدأ بأصدقائنا القدامى؛ الرسل، بيد أن ذلك لا يشفي؛ فقد كانوا خاضعين للعقائد الدينية.» - «هل نجيب عن هذا السؤال، إذا قلنا إن تقدير الفرد قد بدأ بالإغريق، كما يدل على ذلك قول بركليز في رثائه: «إننا لا نقسو باللفظ ولا نحقد بالنظر على أولئك الذين يستمتعون بحياتهم على طريقتهم الخاصة.» متى بدأ ظهور فكرة الحرية؟»
وكان ذلك مبعثا لنقاش عام، ولكن دون أن نجمع على رأي، وربما كان ذلك راجعا إلى كثرة المشتركين في الجدل. وكان مما قاله هوايتهد إن من بين مفكري القرن الثامن عشر من تنبأ في جلاء بأن ظلم الأغلبية قد يكون أشد عسفا من ظلم الحاكم المستبد.
وواصل حديثه قائلا: «إن المؤرخين لم يقدروا قط الرجل الذي يتفادى الكارثة حق قدره، ويحضرني الآن في ذهني أغسطس قيصر. إن عجبي لم ينقطع من أن روما قد استطاعت أن تخرج رجلين عبقريين كيوليس وأغسطس، والبلاد في أشد الحاجة إليهما. لا بد أن الشعب كان يريد النظام والمدنية من صميم قلبه؛ لأن كتائب الجيش كان أكثرها على الحدود، ولم تكن الثورات داخل البلاد في حاجة إلى جند كثير لقمعها.»
قلت: «لقد عانى الرومان من أمثال هذه الثورات خلال الحرب الأهلية التي دامت مائة عام بأكثر مما فيه الكفاية، وكان الناس في حالة من حالات اليأس، فقد كابدوا من تلك المنازعات الثنائية المريعة، بين ماريوس وسلا في أول الأمر، ثم بين قيصر وبمبي، وأخيرا بين أنطوني وأغسطس، ولم يكن البتة من المؤكد أن هذه المنازعات ستنتهي في يوم من الأيام.»
ووجه بكمان الحديث إلى هوايتهد قائلا: «إنهم كانوا أكفاء لهذا الجهد، وانتهت المنازعات في آخر الأمر، وسمعتك تقول إن ذلك يرجع إلى أن الرومان لم يسأموا بعد من حضارتهم.»
Unknown page