Muhawarat Alfred North Whitehead

Mahmud Mahmud d. 1450 AH
60

Muhawarat Alfred North Whitehead

محاورات ألفرد نورث هوايتهد

Genres

ظهرت في خلال عام واحد ثلاث روايات عن بوسطن، آخرها العنبر رقم 8، من تأليف جوزيف دنين، وهي دراسة سياسة البلدية، مع رسم صورة حية لمارتن لومازني، وهو رجل وسط بين أن يكون حارسا أو قيصرا في «الحي الغربي». وتعالج الرواية الأحياء الثلاثة الأخرى بالمدينة التي لم تتعرض لها رواية المرحوم جورج أبلي من تأليف جون ماركاند، وإن لم تغفلها كل الإغفال. أما قصة سانتايانا «آخر بيوريتاني» - وهي أوسع انتشارا - فكأنها تنتهي قبل القصتين الأخريين بفترة مداها عشرون عاما.

وكان هوايتهد وزوجه يقرآن في ذلك الحين قصة العنبر رقم 8، فسألوني: «هل تعرف المؤلف؟» - «بالتأكيد. وهو مراسل لجريدة جلوب.»

فتهافتا سائلين: «زدنا به علما. كم يبلغ من العمر؟» - «حوالي الأربعين.» - «هل ولد في بوسطن؟» - «نعم ويعرفها جيدا من الداخل.»

فقال هوايتهد وهو يبتسم مبتهجا: «لقد عرفنا ذلك من قبل، ولكنا لم ندر أهو قد أرغم على الإحساس بالقلق على أثر صدور كتابه؟» - «قابلته بالأمس في الطابق العلوي في حجرة المراسلين، ووجهت إليه نفس السؤال، فأجابني بقوله: «في أماكن معينة تستطيع أن تقدرها أضطر إلى الإحساس كأني رجل أبرص في مرحلة من المرض متقدمة.» بيد أن ذلك لم يؤثر البتة في ظهوره بمظهر اليائس.»

وقالت مسز هوايتهد، وهي أيرلندية الأصل: «ما أشد فهمه لشعبه!» - «هذا بعض تهمته، بيد أن الحكم ليس إجماعيا.» - «هل تستطيع أن تأتي به إلينا؟ وهل يقبل الحضور؟» - «لا أستطيع أن أتعهد بذلك، ولكني سوف أحاول.»

وكان الأمر أيسر مما توقعت. وذهبنا، وكان هوايتهد وزوجه كلاهما في أحسن حالاتهما، فاستقبلانا أحسن استقبال؛ في لطف ورعاية واشتياق، ولكن في غير استسلام، وسرني أن أرى جو وقد خرج على ما اعتاد من عدم المبالاة، وبدأ بدفاع عام عن طريقته، وعملا على هدمها بطريقة سقراط في السؤال: أية خدمة يؤديها الرئيس؟ هل هو وكيل لتوريد العمال؟ نعم. هل يدخل الروح الإنسانية في العنبر ؟ نعم. ولكن أليست الجزية التي يفرضها باهظة؟ وما رأيك في بيع أصواتهم بعد أن يدفعوا له مبلغا نظير توفير العمل لهم؟ هل تستطيع أن تدافع عن الغرض من ذلك؟

وتناول دنين الموضوع بروح طيبة، وكان فوق ذلك يعلم أن مسز هوايتهد تعطف عليه، وأنها وزوجها يعجبان بالرواية، وأخذ يشرح لهم مشكلات المجتمع في اتحادات العمال، الاتحادات التي تتوقع أن يبيعها وكلاؤها المنتجون، الذين يبررون عملهم هذا صراحة بحجة مقتضيات السياسة، كما شرح لهم مشكلات المجتمع في الأعمال التجارية والمالية والصحافة، وقال إنه جو عام يحيط بنا.

وانتقل الحديث إلى الموازنة بين النظام الاجتماعي في أمريكا والنظام الاجتماعي في إنجلترا، وقال هوايتهد: «عندنا في إنجلترا نظام فاسد ورثناه من نظام الإقطاع في العصور الوسطى، وهو نظام ما كان ينبغي أن يطبق، ولكنه في الواقع يطبق بنجاح لا بأس به، في حين أنكم هنا في أمريكا لديكم نظام ممتاز ينبغي أن يطبق بنجاح تام، ولكنه في الواقع يطبق تطبيقا فاشلا إلى حد ما.»

قلت: «إن نظامكم يبقي كل فرد ينتمي إلى طبقة معينة في طبقته، ولكن بذلك يمدها بقادة قادرين، مما يرفع الطبقة كلها تدريجا. أما نظامنا فيسمح للفرد بالارتفاع، ولكنه بذلك يحرم طبقته من قادتها الطبيعيين؛ ويترتب على ذلك أن تبقى الطبقة منحطة في جملتها.»

فقال دنين: «هذا أمر عجيب لم يطرأ على ذهني من قبل.» - «ولم يطرأ على ذهني أنا أيضا يا جوزيف حتى نبهني إليه مستر هوايتهد منذ عام، ومن ذلك الحين وأنا أفكر فيه.»

Unknown page